[ فادارأتم ] أي تدافعتم واختلفتم وتنازعتم، وأصلها تدارأتم أدغمت التاء في الدال، وأتي بهمزة الوصل ليتوصل بها إلى النطق بالساكن فصار ادارأتم، ومعنى الدرء : الدفع، لأن كلا من الفريقين كان يدرأ على الآخر أي يدفع التهمة عن نفسه، ويلحقها بالآخر، وفي الحديث " ادرءوا الحدود بالشبهات "
[ قست ] القسوة : الصلابة ونقيضها الرقة
[ يشقق ] التشقق : التصدع بطول أو عرض
[ يهبط ] الهبوط : النزول من أعلى إلى أسفل.
معجزة إحياء الميت وقصة البقرة
ذكر القصة : روى ابن أبي حاتم عن عبيدة السلماني قال :" كان رجل من بني إسرائيل عقيما لا يولد له، وكان له مال كثير، وكان ابن أخيه وارثه، فقتله ثم احتمله ليلا، فوضعه على باب رجل منهم، ثم أصبح يدعيه عليهم حتى تسلحوا وركب بعضهم على بعض، فقال ذوو الرأى منهم والنهى : علام يقتل بعضنا بعضا وهذا رسول الله فيكم ؟ فأتوا موسى عليه السلام فذكروا ذلك له فقال :
[ إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ] قال : ولو لم يعترضوا لأجزأت عنهم أدنى بقرة، ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم، حتى انتهوا إلى البقرة التي أمروا بذبحها، فوجدوها عند رجل ليس له بقرة غيرها، فقال : والله لا أنقصها من ملء جلدها ذهبا، فاشتروها بملء جلدها ذهبا، فذبحوها فضربوه ببعضها فقام حيا، فقالوا : من قتلك ؟ قال : هذا وأشار إلى ابن أخيه، ثم مال ميتا، فلم يورث قاتل بعد " وفي رواية " فأخذوا الغلام فقتلوه ".
التفسير :
[ وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ] أي اذكروا يا يني إسرائيل حين قال لكم نبيكم موسى : إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة
[ قالوا أتتخذنا هزوا ] أي فكان جوابكم الوقح لنبيكم أن قلتم : أتهزأ بنا يا موسى
[ قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ]. أي ألتجئ إلى الله أن أكون فى زمرة المستهزئين الجاهلين
[ قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ] أي ما هي هذه البقرة ؟ وأي شئ صفتها ؟
[ قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر ] أي لا كبيرة هرمة، ولا صغيرة لم يلقحها الفحل
[ عوان بين ذلك ] أي وسط بين الكبيرة والصغيرة
[ فافعلوا ما تؤمرون ] أي افعلوا ما أمركم به ربكم ولا تتعنتوا ولا تشددوا على أنفسكم، فيشدد الله عليكم
[ قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها ] أي ما هو لونها هل هو أبيض أم أسود ؟ أم غير ذلك ؟
[ قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين ] أي أنها بقرة صفراء شديدة الصفرة، حسن منظرها، تسر كل من رآها.
[ قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ] أعادوا السؤال عن حال البقرة بعد أن عرفوا سنها ولونها، ليزدادوا بيانا لوصفها، ثم اعتذروا بأن البقر الموصوف بكونه (عواناً) أو وسطا، وبالصفرة الفاقعة كثير
[ إن البقر تشابه علينا ] أي التبس الأمر علينا فلم ندر ما البقرة المأمور بذبحها ؟
[ وإنا إن شاء الله لمهتدون ] أي سنهتدي إلى معرفتها إن شاء الله، ولو لم يقولوا ذلك لم يهتدوا إليها أبدا، كما ثبت ذلك فى الحديث الصحيح.
[ قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث ] أي ليست هذه البقرة مسخرة لحراثة الأرض، ولا لسقاية الزرع
[ مسلمة لا شية فيها ] أي سليمة من العيوب، ليس فيها لون آخر يخالف لونها، فهي صفراء كلها
[ قالوا الآن جئت بالحق ] أي الآن بينتها لنا بيانا شافيا، لا غموض فيه ولا لبس، قال تعالى إخباراً عنهم
[ فذبحوها وما كادوا يفعلون ] لغلاء ثمنها أو خوف الفضيحة.. ثم أخبر تعالى عن سبب أمرهم بذبح البقرة، وعما شهدوه من آيات الله الباهرة، فقال :
[ وإذ قتلتم نفسا ] أي اذكروا يا بني إسرائيل حين قتلتم نفسا
[ فادارأتم فيها ] أي تخاصمتم وتدافعتم بشأنها، وأصبح كل فريق يدفع التهمة عن نفسه وينسبها لغيره
[ والله مخرج ما كنتم تكتمون ] أي مظهر ما تخفونه