[ وضاقت عليهم أنفسهم ] أى ضاقت نفوسهم بما اعتراها من الغم والهم، بحيث لا يسعها انس ولا سرور، وذلك بسبب ان الرسول عليه السلام دعا لمقاطعتهم، فكان أحدهم يفشي السلام لأقرب اقربائه فلا يرد عليه، وهجرتهم نساؤهم وأهلوهم واهملوهم، حتى تاب الله عليهم
[ وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ] أى وايقنوا انه لا معتصم لهم من الله ومن عذابه، الا بالرجوع والانابة اليه سبحانه
[ ثم تاب عليهم ليتوبوا ] أى رجع عليهم بالقبول والرحمة، ليستقيموا على التوبة ويدوموا عليها
[ ان الله هو التواب الرحيم ] أى المبالغ في قبول التوبة، وإن كثرت الجنايات وعظمت، المتفضل على العباد بالرحمة الشاملة
[ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ] أى راقبوا الله في جميع اقوالكم وافعالكم، وكونوا مع اهل الصدق واليقين، الذين صدقوا في الدنيا، نية وقولا وعملا
[ ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ] عتاب لمن تخلف عن (غزوة تبوك ) اي ما صح ولا استقام لاهل المدينة ومن حولهم من سكان البوادي ان يتخلفوا عن الغزو مع رسول الله (ص)
[ ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ] أى لا يترفعوا بأنفسهم عن نفسه، بأن يكرهوا لها المكاره، ولا يكرهون ذلك له عليه السلام، بل عليهم ان يفدوه بالمهج والارواح، وان يكابدوا معه ما يكابده من الاهوال والخطوب، قال الزمخشري : أمروا بأن يصحبوه على البأساء والضراء، وان يلقوا من الشدائد ما تلقاه نفسه، علما بأنها اعز نفس على الله واكرمها عليه، لا ان يضنوا بأنفسهم على ما سمح بنفسه عليه، وهذا نهي بليغ، وتهييج لمتابعته عليه السلام
[ ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ] أى ذلك النهي عن التخلف، بسبب أنهم لا يصيبهم عطش
[ ولا نصب ] أى ولا تعب
[ ولا مخمصة ] أى ولا مجاعة
[ في سبيل الله ] أى في طريق الجهاد
[ ولا يطأون موطئا ] أى ولا يدوسون مكانا من امكنة الكفار بأرجلهم، او حوافر خيولهم
[ يغيظ الكفار ] أى يغضب الكفار وطؤها
[ ولا ينالون من عدو نيلا ] أى ولا يصيبون اعداءهم بشيء، بقتل او اسر او هزيمة، قليلا كان او كثيرا
[ إلا كتب لهم به عمل صالح ] أى الا كان ذلك قربة لهم عند الله
[ إن الله لا يضيع أجر المحسنين ] أى لا يضيع اجر من احسن عملا
[ ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ] قال ابن عباس : تمرة فما فوقها
[ ولا يقطعون واديا ] أى ولا يجتازون للجهاد في سيرهم أرضا ذهابا او إيابا
[ إلا كتب لهم ] أى أثبت لهم اجر ذلك
[ ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون ] أى ليجزيهم على كل عمل لهم جزاء احسن اعمالهما، قال الالوسي : على معنى ان لاعمالهم جزاء حسنا وجزاء احسن، وهو سبحانه اختار لهم احسن جزاء
[ وما كان المؤمنون لينفروا كافة ] أى لا ينبغي خروج جميع المؤمنين للغزو ((هذا هو معنى الآية، وقيل : المراد أن ينفروا لطلب العلم، وما ذكرناه اصح وأوضح )) بحيث تخلو منهم البلاد، روي عن ابن عباس انه تعالى لما شدد على المتخلفين، قالوا : لا يتخلف منا احد عن جيش او سرية ابدا، فلما قدم الرسول المدينة وارسل السرايا الى الكفار، نفر المسلمون جميعا الى الغزو، وتركوه وحده بالمدينة، فنزلت هذه الآية
[ فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ] أى فاذا لم يصلح نفير الجميع ولم يكن فيه مصلحة، فهلا نفر من كل جماعة كثيرة فئة قليلة
[ ليتفقهوا في الدين ] أى ليصبحوا فقهاء، ويتكلفوا المشاق في طلب العلم


الصفحة التالية
Icon