[ ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ] أى وليخوفوا قومهم ويرشدوهم اذا رجعوا اليهم من الغزو، لعلهم يخافون عقاب الله بامتثال اوامره واجتناب نواهيه، قال الالوسي : وكان الظاهر ان يقال " ليعلموا " بدل [ لينذروا ] و " يفقهون " بدل [ يحذرون ] لكنه اختير ما في النظم الجليل، للاشارة الى انه ينبغي ان يكون غرض المعلم : الارشاد والانذار، وغرض المتعلم : اكتساب الخشية لا التبسط والاستكبار
[ يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار ] أى قاتلوا القريبين منكم، وطهروا ما حولكم من رجس المشركين، ثم انتقلوا الى غيرهم، والغرض ارشادهم الى الطريق الاصوب والاصلح، وهو ان يبتدئوا بالاقرب فالاقرب، حتى يصلوا الى الابعد فالابعد
[ وليجدوا فيكم غلظة ] أى وليجد هؤلاء الكفار منكم شدة عليهم
[ واعلموا أن الله مع المتقين ] أى واعلموا ان من اتقى الله، كان الله معه بالنصر والعون
[ وإذا ما أنزلت سورة ] أى من سور القرآن
[ فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا ] أى فمن هؤلاء المنافقين من يقول استهزاء : أيكم زادته هذه ايمانا ؟ على وجه الاستخفاف بالقرآن، كأنهم يقولون : أي عجب في هذا ؟ وأي دليل في هذا ؟ يقول تعالى :
[ فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا ] أى فأما المؤمنون فزادتهم تصديقا، وذلك لما يتجدد عندهم من البراهين والادلة عند نزول كل سورة
[ وهم يستبشرون ] أى وهم يفرحون لنزولها، لانه كلما نزل شيء من القرآن ازدادوا ايمانا
[ وأما الذين في قلوبهم مرض ] أى واما المنافقون الذين في قلوبهم نفاق وشك في دين الله
[ فزادتهم رجسا الى رجسهم ] اي زادتهم نفاقا الى نفاقهم، وكفرا الى كفرهم، فازدادوا رجسا وضلالا، فوق ما هم فيه من الرجس والضلال
[ وماتوا وهم كافرون ] أى ماتوا على الكفر
[ أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ] الهمزة للإنكار والتوبيخ أى أولا يرى هؤلاء المنافقون الذين تفضح سرائرهم كل سنة مرة او مرتين حين ينزل فيهم الوحي ؟
[ ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون ] أى ثم لا يرجعون عما هم فيه من النفاق ولا يعتبرون
[ وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا ] أى واذا انزلت سورة من القرآن فيها عيب المنافقين، وهم في مجلس النبي (ص) نظر بعضهم لبعض، هل يراكم احد من المسلمين لننصرف ؟ فإنا لا نصبر استماعه وهو يفضحنا، ثم قاموا فانصرفوا
[ صرف الله قلوبهم ] جملة دعائية أى صرفها عن الهدى والايمان
[ بأنهم قوم لا يفقهون ] أى لأجل انهم لا يفهمون الحق ولا يتدبرونه، فهم حمقى غافلون
[ لقد جاءكم رسول من أنفسكم ] أى لقد جاءكم أيها القوم رسول عظيم القدر، من جنسكم، عربي قرشي، يبلغكم رسالة الله
[ عزيز عليه ما عنتم ] أى يشق عليه عنتكم وهو المشقة ولقاء المكروه
[ حريص عليكم ] اي حريص على هدايتكم
[ بالمؤمنين رءوف رحيم ] أى رءوف بالمؤمنين رحيم بالمذنبين، شديد الشفقة والرحمة عليهم، قال ابن عباس : سماه باسمين من اسمائه تعالى
[ فإن تولوا فقل حسبي الله ] أى فإن اعرضوا عن الايمان بك يا محمد فقل يكفيني ربي
[ لا اله الا هو ] أى لا معبود بحق سواه
[ عليه توكلت ] اي عليه اعتمدت فلا ارجو ولا اخاف احدا غيره
[ وهو رب العرش العظيم ] أى هو سبحانه رب العرش، المحيط بكل شيء، لكونه اعظم الأشياء ؟ الذي لا يعلم مقدار عظمته الا الله تعالى.
البلاغة :
١ - [ إن الله اشترى ] استعارة تبعية شبه بذلهم الاموال والانفس، واثابتهم عليها بالجنة، بالبيع والشراء، فكأن هناك سلعة للبيع والشراء.
٢ - [ فيقتلون ويقتلون ] فيه جناس ناقص لاختلافهما في الشكل والحركات، وهو من المحسنات البديعية.


الصفحة التالية
Icon