[ وما يكفر بها إلا الفاسقون ] أي وما يجحد بهذه الآيات، ويكذب بها إلا الخارجون عن الطاعة، الماردون على الكفر
[ أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم ] أي أيكفرون بالآيات وهي في غاية الوضوح ؟ وكلما أعطوا عهدا نقضه جماعة منهم ؟
[ بل أكثرهم لا يؤمنون ] أي بل أكثر اليهود لا يؤمن بالتوراة، الإيمان الصادق، لذلك ينقضون العهود والمواثيق
[ ولما جاءهم رسول من عند الله ] وهو محمد (ص) خاتم النبيين
[ مصدق لما معهم ] أي مصدقا للتوراة، وموافقا لها فى أصول الدين، ومقررا لنبوة موسى عليه السلام
[ نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم ] أي طرح أحبارهم وعلماؤهم التوراة، وأعرضوا عنها بالكلية، لأنها تدل على نبوة محمد (ص) فجحدوا الوحي، وأصروا على إنكار نبوته
[ كأنهم لا يعلمون ] أي كأنهم لا يعلمون من دلائل نبوته شيئا
[ واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان ] أى اتبعوا طرق السحر والشعوذه، التى كانت تحدثهم بها الشياطين فى عهد ملك سليمان
[ وما كفر سليمان ] أي وما كان سليمان ساحرا، ولا كفر بتعلمه السحر
[ ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ] أي ولكن الشياطين هم الذين علموا الناس السحر، حتى فشا أمره بين الناس
[ وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت ] أي وكما اتبع رؤساء اليهود السحر، كذلك اتبعوا ما أنزل على الملكين وهما (هاروت وماروت) بمملكة بابل بأرض الكوفة، وقد أنزلهما الله ابتلاء وامتحانا للناس
[ وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ] أي إن الملكين لا يعلمان أحدا من الناس السحر، حتى يبذلا له النصيحة، ويقولا : إن هذا الذي نصفه لك، إنما هو امتحان من الله وابتلاء، فلا تستعمله للإضرار ولا تكفر بسببه، فمن تعلمه ليدفع ضرره عن الناس فقد نجا، ومن تعلمه ليلحق ضرره بالناس، فقد هلك وضل.. قال تعالى :
[ فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه ] أي يتعلمون منهما من علم السحر، ما يكون سببا في التفريق بين الزوجين، فبعد أن كانت المودة والمحبة بينهما يصبح الشقاق والفراق
[ وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ] أي وما هم بما استعملوه من السحر يضرون أحدا إلا إذا شاء الله
[ ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ] أي والحال أنهم بتعلم السحر، يحصلون على الضرر لا على النفع، فيضرون أنفسهم من حيث لا يشعرون
[ ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ] أي ولقد علم اليهود الذين نبذوا كتاب الله، وأستبدلوا به السحر، أنهم ليس لهم حظ من رحمة الله، ولا من الجنة، لأنهم اثروا السحر على كتاب الله
[ ولبئس ما شروا به أنفسهم، لو كانوا يعلمون ] أي ولبئس هذا الشيء الذي باعوا به أنفسهم، لو كان لهم علم أو فهم وإدراك !!
[ ولو أنهم آمنوا واتقوا ] أي ولو أن أولئك الذين يتعلمون السحر، آمنوا بالله وخافوا عذابه
[ لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون ] أي لأثابهم الله ثواباً أفضل، مما شغلوا به أنفسهم من السحر، الذي لا يعود عليهم إلا بالويل، والخسار، والدمار!.
سبب النزول :
لما ذكر رسول الله (ص) سليمان في المرسلين، قال بعض أحبار اليهود : ألا تعجبون لمحمد يزعم أن سليمان بن داود كان نبيا!! والله ما كان إلا ساحرا، فنزلت هذه الآية [ وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ].
البلاغة :
١- [ رسول من عند الله ] التنكير للتفخيم، ووصف الرسول بأنه آت من عند الله، لإفادة مزيد التعظيم والتكريم لشأن الرسول (ص).
٢- [ وراء ظهورهم ] مثل يضرب للإعراض عن الشيء جملة، تقول العرب : جعل هذا الأمر وراء ظهره، أي تولى عنه معرضا، لأن ما يجعل وراء الظهر لا ينظر إليه، فهو كناية عن الإعراض عن التوراة بالكلية.


الصفحة التالية
Icon