[ نأت بخير منها أو مثلها ] أي نأت بخير لكم منها أيها المؤمنون، بما هو أنفع لكم فى العاجل أو الآجل، إما برفع المشقة عنكم، أو بزيادة الأجر والثواب لكم
[ ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير ] أي ألم تعلم أيها المخاطب، أن الله عليم حكيم قدير، لا يصدر منه إلا كل خير وإحسان للعباد!!
[ ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض ] أي ألم تعلم أن الله هو المالك المتصرف فى شؤون الخلق ؟ يحكم بما شاء ويأمر بما شاء ؟
[ وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير ] أي ما لكم ولي يرعى شؤونكم، أو ناصر ينصركم غير الله تعالى، فهو نعم الناصر والمعين
[ أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ] أي بل أتريدون يا معشر المؤمنين، أن تسألوا نبيكم كما سأل قوم موسى نبيهم من قبل ؟ ويكون مثلكم كمثل اليهود الذين قالوا لنبيهم :[ أرنا الله جهرة ] فتضلوا كما ضلوا ؟
[ ومن يتبدل الكفر بالإيمان ] أي يستبدل الضلالة بالهدى، ويأخذ الكفر بدل الإيمان
[ فقد ضل سواء السبيل ] أي فقد حاد عن الجادة وخرج عن الصراط السوي
[ ود كثير من أهل الكتاب ] أي تمنى كثير من اليهود والنصارى
[ لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا ] أي لو يصيرونكم كفارا بعد أن آمنتم
[ حسدا من عند أنفسهم ] أي حسدا منهم لكم، حملتهم عليه أنفسهم الخبيثة
[ من بعد ما تبين لهم الحق ] أي من بعد ما ظهر لهم بالبراهين الساطعة أن دينكم هو الحق
[ فاعفوا واصفحوا ] أي اتركوهم وأعرضوا عنهم فلا تؤاخذوهم
[ حتى يأتى الله بأمره ] أي حتى يأذن الله لكم بقتالهم
[ إن الله على كل شيء قدير ] أي قادر كل شيء فينتقم منهم إذا حان الأوان
[ وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ] أي حافظوا على عمودي الإسلام، وهما :" الصلاة والزكاة " وتقربوا إليه بالعبادة البدنية والمالية
[ وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله ] وأي شيء تتقربون به إلى الله، من صلاة أو صدقة أو عمل صالح، فرضا كان أو تطوعا ترون ثوابه عند الله
[ إن الله بما تعملون بصير ] أي رقيب عليكم مطلع على أعمالكم، فيجازيكم عليها يوم الدين.
البلاغة :
١- الإضافة فى قوله :[ من ربكم ] للتشريف، وفيها التذكير للعباد بتربيته لهم، فهو الخالق، والمربي لعباده.
٢- تصدير الجملتين بلفظ الجلالة [ والله يختص ] [ والله ذو الفضل ] للإيذان بفخامة الأمر.
٣- [ ألم تعلم ] الاستفهام للتقرير، والخطاب للنبى (ص) والمراد به أمته بدليل قوله تعالى :[ وما لكم من دون الله ]
٤- وضع الاسم الجليل موضع الضمير [ إن الله ] و[ من دون الله ] لتربية الروعة والمهابة في النفوس.
٥- [ ضل سواء السبيل ] من إضافة الصفة للموصوف أي الطريق المستوي، وفي التعبير به نهاية التبكيت والتشنيع، لمن ظهر له الحق فعدل عنه إلى الباطل.
الفوائد :
الأولى : خاطب الله المؤمنين بقوله تعالى :[ يا أيها الذين آمنوا ] في ثمانية وثمانين موضعا من القرآن وهذا أول خطاب خوطب به المؤمنون في هذه السورة، ونداء المخاطبين باسم المؤمنين، يذكرهم بأن الإيمان يقتضي من صاحبه، أن يتلقى أوامر الله ونواهيه بحسن الطاعة والامتثال، قال ابن مسعود :" إذا سمعت الله تعالى يقول :[ يا أيها الذين آمنوا ] فارعها سمعك، فإنه خير تؤمر به، أو شر تنهى عنه.
الثانية : نهى المسلمون أن يقولوا فى خطاب النبى (ص) [ راعنا ] وأمروا بأن يقولوا مكانها [ انظرنا ] وفي ذلك تنبيه لأدب جميل، هو أن الإنسان يتجنب فى مخاطباته الألفاظ التي توهم الجفاء أو التنقيص، فى مقام يقتضى إظهار المودة والتعظيم.