[ أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين ] أي ما كان ينبغي لأولئك أن يدخلوها إلا وهم في خشية وخضوع، فضلا عن التجرؤ على تخريبها أو تعطيلها
[ لهم في الدنيا خزي ] أي لأولئك المذكورين هوان وذلة في الدنيا
[ ولهم في الآخرة عذاب عظيم ] أي لهم عذاب شديد موجع، هو عذاب النار.
[ ولله المشرق والمغرب ] أي لله جل وعلا الكون كله، وله الجهات كلها، مكان شروق الشمس ومكان غروبها والمراد جميع الأرض
[ فأينما تولوا فثم وجه الله ] أي إلى أي جهة توجهتم بأمره، فهناك قبلته التي رضيها لكم، وقد نزلت الآية فيمن أضاع جهة القبلة
[ إن الله واسع عليم ] أي يسع الخلق بالجود والإفضال، وهو سبحانه عليم بتدبير شؤونهم، لا تخفى عليه خافية من أحوالهم.
البلاغة :
١- [ تلك أمانيهم ] الجملة اعتراضية وفائدتها بيان بطلان الدعوى وأنها دعوى كاذبة.
٢- [ قل هاتوا برهانكم ] الأمر هنا للتبكيت والتقريع، فليس عندهم حجة أو برهان.
٣- [ من أسلم وجهه لله ] خص الوجه بالذكر لأنه أشرف الأعضاء، فالوجه هنا استعارة عن القصد، والتوجه والإقبال على الله، ومعنى [ أسلم وجهه ] أي استسلم وخضع، وأخلص عمله لله.
٤- [ عند ربه ] وضع اسم الرب موضع ضمير الجلالة، لإظهار مزيد اللطف به.
٥- [ قال الذين لا يعلمون ] فيه توبيخ عظيم لأهل الكتاب لأنهم خرطوا أنفسهم – مع علمهم – في سلك من لا يعلم أصلا.
٦- [ ومن أظلم ] الاستفهام بمعنى النفي أي لا أحد أظلم منه.
٧- [ لهم في الدنيا خزي ] التنكير للتهويل أي خزي هائل فظيع، لا يكاد يوصف لهوله.
٨- [ عليم ] صيغة فعيل للمبالغة، أي واسع العلم.
فائدة :
قال الإمام الفخر : إسلام الوجه لله يعني إسلام النفس لطاعة الله، وقد يكنى بالوجه عن النفس كما قال تعالى :[ كل شيء هالك إلا وجهه ] وقال زيد بن نفيل :
وأسلمت وجهي لمن أسلمت له الأرض تحمل صخرا ثقالا
وأسلمت وجهي لمن أسلمت له المزن تحمل عذبا زلالا.
قال الله تعالى :[ وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه.. إلى.. ولا هم ينصرون ] من آية (١١٦) إلى نهاية آية (١٢٣).
المناسبة :
لما ذكر تعالى افتراء اليهود والنصارى، وزعمهم أن الجنة خاصة بهم لا يشاركهم فيها أحد، أعقبه بذكر بعض قبائحهم، وقبائح المشركين في ادعائهم أن لله ولدا، حيث زعم اليهود أن عزيرا ابن الله، وزعم النصارى أن المسيح ابن الله، وزعم المشركون أن الملائكة بنات الله، فأكذبهم الله جميعا، ورد دعواهم، بالحجة الدامغة والبرهان القاطع.
اللغة :
[ سبحانه ] سبحان مصدر سبح بمعنى نزه ومعناه التبرئة والتنزيه عما لا يليق بجلاله تعالى
[ قانتون ] مطيعون خاضعون من القنوت والطاعة والخضوع
[ بديع ] البديع : المبدع، والإبداع : الاختراع والابتكار، وهو اختراع الشيء على غير مثال سبق
[ قضى ] أراد وقدر
[ بشيرا ] البشير : المبشر وهو المخبر بالأمر الصادق السار
[ نذيرا ] النذير : المنذر وهو المخبر بالأمر المخوف ليحذر منه
[ الجحيم ] المتأجج من النار
[ ملتهم ] أي دينهم وجمعها ملل، وأصل الملة : الطريقة المسلوكة، ثم جعلت اسما للشريعة التى أنزلها الله
[ عدل ] فداء.
التفسير :
[ وقالوا اتخذ الله ولدا ] هو قول اليهود والنصارى والمشركين فاليهود قالوا : عزير ابن الله، والنصارى قالوا : المسيح ابن الله والمشركون قالوا : الملائكة بنات الله، فأكذب الله الجميع في دعواهم فقال
[ سبحانه ] أي تقدس وتنزه عما زعموا تنزهاً بليغا
[ بل له ما في السموات والأرض ] بل للإضراب أي ليس الأمر كما زعموا، بل هو جل وعلا خالق جميع الموجودات، التي من جملتها عزير، والمسيح، والملائكة
[ كل له قانتون ] أي الكل منقادون له، لا يستعصي شيء منهم على تقديره ومشيئته
[ بديع السموات والأرض ] أي خالقهما ومبدعهما على غير مثال سبق