[ وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ] أي إذا أراد إيجاد شيء، حصل من غير امتناع ولا مهلة، فمتى أراد شيئا وجد بلمح البصر، فمراده نافذ وأمره لا يتخلف [ وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر ]
[ وقال الذين لا يعلمون ] المراد بهم جهلة المشركين وهم كفار قريش
[ لولا يكلمنا الله ] أي هلا يكلمنا الله مشافهة أو بإنزال الوحي علينا بأنك رسوله
[ أو تأتينا آية ] أي تجيئنا يا محمد بحجة ساطعة، تكون برهانا على صدق نبوتك، قالوا ذلك استكبارا وعنادا
[ كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم ] أي مثل هذا الباطل الشنيع، قال المكذبون من أسلافهم لرسلهم
[ تشابهت قلوبهم ] أي قلوب هؤلاء ومن قبلهم، في العمى والعناد والتكذيب للأنبياء، وفي هذا تسلية له (ص)
[ قد بينا الآيات لقوم يوقنون ] أي قد وضحنا الأدلة وأقمنا البراهين لقوم يطلبون الحق واليقين، وكلها ناطقة بصدق ما جئت به
[ إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ] أي أرسلناك يا محمد بالشريعة النيرة والدين القويم، بشيرا للمؤمنين بجنات النعيم، ونذيرا للكافرين من عذاب الجحيم
[ ولا تسأل عن أصحاب الجحيم ] أي أنت يا محمد لست مسؤولا عمن لم يؤمن منهم، بعد أن بذلت الجهد في دعوتهم [ إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب ]
[ ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ] أي لن ترضى عنك الطائفتان (اليهود والنصارى) حتى تترك الإسلام المنير، وتتبع دينهم الأعوج
[ قل إن الهدى هدى الله ] أي قل لهم يا محمد : إن الإسلام هو الدين الحق وما عداه فهو ضلال
[ ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ] أي ولئن سايرتهم على آرائهم الزائفة، وأهوائهم الفاسدة، بعدما ظهر لك الحق بالبراهين الساطعة، والحجج القاطعة
[ ما لك من الله من ولي ولا نصير ] أي ليس لك من يحفظك أو يدفع عنك عقابه الأليم
[ الذين آتيناهم الكتاب ] ثناء من الله تعالى على طائفة من اليهود والنصارى أسلموا
[ يتلونه حق تلاوته ] أي يقرؤونه قراءة حقة كما أنزل
[ أولئك يؤمنون به ] أي فأولئك هم المؤمنون حقا، دون المعاندين المحرفين لكلام الله
[ ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون ] أي ومن كفر بالقرآن فقد خسر دنياه وآخرته
[ يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم ] أي اذكروا نعمي الكثيرة عليكم وعلى آبائكم
[ وأني فضلتكم على العالمين ] أي واذكروا تفضيلي لكم على سائر الأمم في زمانكم
[ واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ] أي خافوا ذلك اليوم الرهيب، الذي لا تغني فيه نفس عن نفس، ولا تدفع عنها من عذاب الله شيئا، لأن كل نفس بما كسبت رهينة
[ ولا يقبل منها عدل ] أي لا يقبل منها فداء
[ ولا تنفعها شفاعة ] أي لا تفيدها شفاعة أحد، لأنها كفرت بالله، كما قال سبحانه :[ فما تنفعهم شفاعة الشافعين ]
[ ولا هم ينصرون ] أي لا يدفع عنهم أحد عذاب الله، ولا يجيرهم وينقذهم من سطوة عقابه!.
البلاغة :
١- [ سبحانه ] جملة اعتراضية وفائدتها بيان بطلان دعوى الظالمين الذين زعموا لله الولد، قال أبو السعود : وفيه من التنزيه البليغ من حيث الاشتقاق من " السبح " ومن جهة النقل إلى التفعيل " التسبيح " ومن جهة العدول إلى المصدر ما لا يخفى، والمراد أنزهه تنزيها لائقا به.
٢- [ كل له قانتون ] صيغة جمع العقلاء في [ قانتون ] للتغليب أي تغليب العقلاء على غير العقلاء، والتغليب من الفنون المعدودة في محاسن البيان.
٣- التعبير عن الكافرين والمكذبين بكلمة [ أصحاب الجحيم ] إيذان بأن أولئك المعاندين من المطبوع على قلوبهم، فلا يرجى منهم الرجوع عن الكفر والضلال إلى الإيمان والإذعان.
٤- إيراد الهدى معرفا بأل في قوله :[ هو الهدى ] يفيد قصر الهداية على (دين الإسلام)، فالإسلام هو الهدى كله، وما عداه فهو هوى وعمى.


الصفحة التالية
Icon