[ اعتمر ] العمرة في اللغة : الزيارة ثم صار علما لزيارة البيت للنسك
[ جناح ] الجناح : الميل إلى الإثم، وقيل : هو الإثم نفسه، سمى به لأنه ميل إلى
الباطل يقال : جنح إلى كذا إذا مال، قال ابن الأثير : وأينما ورد فمعناه الإثم
والميل
[ يكتمون ] الكتمان : الإخفاء والستر
[ ينظرون ] يمهلون.
التفسير :
[ إن الصفا والمروة ] اسم لجبلين بمقربة من البيت الحرام
[ من شعائر الله ] أي من أعلام دينه، ومناسكه التي تعبدنا الله بها
[ فمن حج البيت أو اعتمر ] أي من قصد بيت الله للحج، أو قصده للزيارة بأحد
النسكين " الحج " أو " العمرة "
[ فلا جناح عليه أن يطوف بهما ] أي لا حرج ولا إثم عليه أن يسعى بينهما، فإذا كان
المشركون يسعون بينهما، ويتمسحون بالأصنام، فاسعوا أنتم لله رب العالمين، ولا
تتركوا الطواف بينهما، خشية التشبه بالمشركين
[ ومن تطوع خيرا ] أي من تطوع بالحج والعمرة بعد قضاء حجته المفروضة عليه، أو فعل خيرا فرضا كان أو نفلا
[ فإن الله شاكر عليم ] أي أنه سبحانه شاكر له طاعته، ومجازيه عليها خير الجزاء،
لأنه عليم بكل ما يصدر من عباده من الأعمال، فلا يضيع عنده أجر المحسنين
[ إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البيانات والهدى ] أي يخفون ما أنزلناه من الآيات
البينات، والدلائل الواضحات، التي تدل على صدق محمد (ص)
[ من بعد ما بيناه للناس في الكتاب ] أي من بعد توضيحه لهم في التوراة، أو في
الكتب السماوية كقوله تعالى :[ الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ]
[ أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ] أي أولئك الموصوفون بقبيح الأعمال،
الكاتمون لأوصاف الرسول، المحرفون لأحكام التوراة، يلعنهم الله فيبعدهم من
رحمته، وتلعنهم الملائكة والمؤمنون
[ إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم ] أي إلا الذين ندموا على ما
صنعوا، وأصلحوا ما أفسدوه، بالكتمان، وبينوا للناس حقيقة ما أنزل الله، فأولئك
يقبل الله توبتهم ويشملهم برحمته
[ وأنا التواب الرحيم ] أي كثير التوبة على عبادي، واسع الرحمة بهم، أصفح عما فرط
منهم من السيئات
[ إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار ] أي كفروا بالله واستمروا على الكفر، حتى
داهمهم الموت وهم على تلك الحالة
[ أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ] أي يلعنهم الله وملائكته وأهل
الأرض جميعا، حتى الكفار فإنهم يوم القيامة يلعن بعضهم بعضا
[ خالدين فيها ] أي ماكثين في النار أبدا – وفي إضمارها تفخيم لشأنها -
[ لا يخفف عنهم العذاب ] أي إن عذابهم في جهنم دائم لا ينقطع، لا يخف عنهم طرفة
عين، كما قال تعالى :[ لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون ]
[ ولا هم ينظرون ] أي ولا يمهلون أو يؤجلون، بل يلاقيهم العذاب حال مفارقة الحياة
الدنيا.
سبب النزول :
عن أنس رضي الله عنه أنه سئل عن (الصفا والمروة) فقال : كنا نرى أنهما من أمر
الجاهلية، فلما جاء الإسلام أمسكنا عنهما فأنزل الله [ إن الصفا والمروة من
شعائر الله ].
البلاغة :
١- [ من شعائر الله ] أي من شعائر دين الله، ففيه إيجاز بالحذف.
٢- [ شاكر عليم ] أي يثيب على الطاعة قال أبو السعود : عبر عن ذلك بالشكر مبالغة
في الإحسان على العباد، فأطلق الشكر وأراد به الجزاء بطريق المجاز.
٣- [ يلعنهم الله ] فيه التفات من ضمير المتكلم إلى الغيبة، إذ الأصل " نلعنهم "
ولكن في إظهار الاسم الجليل [ يلعنهم الله ] إلقاء الروعة والمهابة في القلب.
٤- [ يلعنهم اللاعنون ] فيه جناس الاشتقاق، وهو من المحسنات البديعية.
٥- [ خالدين فيها ] أي في اللعنة أو في النار وأضمرت النار تفخيماً لشأنها
وتهويلا لأمرها.
٦- [ ولا هم ينظرون ] إيثار الجملة الأسمية لإفادة دوام النفي واستمراره.
الفوائد :


الصفحة التالية
Icon