الأولى : كان على الصفا صنم يقال له " إساف " وعلى المروة صنم يقال له " نائلة "
فكان المشركون إذا طافوا تمسحوا بهما، فخشي المسلمون أن يتشبهوا بأهل الجاهلية،
ولذلك تحرجوا من الطواف لهذا السبب، فنزلت الآية تبين أنهما من شعائر الله،
وأنه لا حرج عليهم في السعي بينهما فالمسلمون يسعون لله لا للأصنام الأوثان.!
الثانية : الشكر معناه مقابلة النعمة والإحسان بالثناء والعرفان، وهذا المعنى
محال على الله، إذ ليس لأحد عنده يد ونعمة حتى يشكره عليها، ولهذا حمله العلماء
على الثواب والجزاء، أي أنه تعالى يثيبه ولا يضيع أجر العاملين. أقول : والصحيح
ما عليه السلف من إثبات الصفات كما وردت، فهو شكر يليق بجلاله وكماله، أي يثني
على عبده المؤمن بما يحبه تعالى.!
قال الله تعالى :[ وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم.. إلى.. وما
هم بخارجين من النار ] من آية (١٦٣) إلى نهاية (١٦٧).
المناسبة :
لما ذكر تعالى حال الكافرين الجاحدين لآيات الله وما لهم من العذاب والنكال في
الآخرة، ذكر هنا أدلة القدرة والوحدانية، وأتى بالبراهين على وجود الخالق
الحكيم، فبدأ بذكر العالم العلوي، ثم بالعالم السفلي، ثم بتعاقب الليل والنهار،
ثم بالسفن التي تمخر عباب البحار، ثم بالأمطار التي فيها حياة الزروع والأشجار،
ثم بما بث في الأرض من أنواع الحيوانات العجيبة، ثم بالرياح والسحب التي سخرها
الله لفائدة الإنسان، وختم ذلك بالأمر بالتفكر في بدائع صنع الله، ليستدل
العاقل بالأثر على وجود المؤثر، وبالصنعة على عظمة الخالق المدبر جل وعلا.
اللغة :
[ وإلهكم ] الإله : المعبود بحق أو باطل، والمراد به هنا المعبود بحق وهو الله رب
العالمين
[ الفلك ] ما عظم من السفن وهو اسم يطلق على المفرد والجمع
[ وبث ] فرق ونشر ومنه [ كالفراش المبثوث ]
[ دابة ] الدابة في اللغة : كل ما يدب على الأرض، من إنسان وحيوان مأخوذ من الدبيب
وهو المشي رويداً وقد خصه العرف بالحيوان، ويدل على المعنى اللغوي قوله تعالى :
[ والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشى على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين
ومنهم من يمشي على أربع ] فجمع بين الزواحف والإنسان والحيوان
[ تصريف الرياح ] الرياح : جمع ريح وهي نسيم الهواء، وتصريفها تقليبها في الجهات،
ونقلها من حال إلى حال، فتهب حارة وباردة، وعاصفة ولينة، وملقحة للنبات وعقيما
[ المسخر ] من التسخير وهو التذليل والتيسير
[ أنداداً ] جمع ند وهو المماثل والمراد بها الأوثان والأصنام
[ الأسباب ] جمع سبب وأصله الحبل، والمراد به هنا : ما يكون بين الناس من روابط
كالنسب والصداقة
[ كرة ] الكرة : الرجعة والعودة إلى الحالة التي كان فيها
[ حسرات ] جمع حسرة وهي أشد الندم على شيء فائت، وفي التنزيل [ أن تقول نفس يا
حسرتا على ما فرطت في جنب الله ].
سبب النزول :
عن عطاء قال : أنزلت بالمدينة على النبي (ص) [ وإلهكم إله واحد ] فقالت كفار قريش
بمكة كيف يسع الناس إله واحد ؟ فأنزل الله تعالى :[ إن في خلق السموات والأرض..
إلى قوله.. لآيات لقوم يعقلون ].
التفسير :
[ وإلهكم إله واحد ] أي إلهكم المستحق للعبادة إله واحد، لا نظير له في ذاته، ولا
في صفاته، ولا في أفعاله
[ لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ] أي لا معبود بحق إلا هو جل وعلا، مولي النعم
ومصدر الإحسان
[ إن في خلق السموات والأرض ] أي إن في إبداع السموات والأرض بما فيهما من عجائب
الصنعة ودلائل القدرة
[ واختلاف الليل والنهار ] أي تعاقبهما بنظام محكم، يأتي الليل فيعقبه النهار،
وينسلخ النهار فيعقبه الليل، ويطول النهار ويقصر الليل، والعكس
[ والفلك التي تجري في البحر ] أي السفن الضخمة الكبيرة، التى تسير في البحر على