[ ولا تتبعوا خطوات الشيطان ] أي لا تقتدوا بآثار الشيطان، فيما يزينه لكم من
المعاصي والفواحش
[ إنه لكم عدو مبين ] أي إنه عظيم العداوة لكم، وعداوته ظاهرة لا تخفى على عاقل
[ إنما يأمركم بالسوء والفحشاء ] أي لا يأمركم الشيطان بما فيه خير، إنما يأمركم
بالمعاصي والمنكرات، وما تناهى في القبح من الرذائل
[ وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ] أي وأن تفتروا على الله بتحريم ما أحل لكم،
وتحليل ما حرم عليكم، فتحلوا وتحرموا من تلقاء أنفسكم
[ وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله ] أي وإذا قيل للمشركين اتبعوا ما أنزل الله
على رسوله من الوحي والقرآن، واتركوا ما أنتم عليه من الضلال والجهل
[ قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا ] أي بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا، قال
تعالى فى الرد عليهم :
[ أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ] أي أيتبعون آباءهم ولو كانوا
سفهاء أغبياء، ليس لهم عقل يردعهم عن الشر، ولا بصيرة تنير لهم الطريق ؟
والاستفهام للإنكار والتوبيخ، والتعجيب من حالهم، في تقليدهم الأعمى للآباء..
ثم ضرب تعالى مثلا للكافرين في غاية الوضوح والجلاء فقال تعالى :
[ ومثل الذين كفروا كمثل الذى ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء ] أي ومثل الكفار
في عدم انتفاعهم بالقرآن وحججه الساطعة، ومثل من يدعوهم إلى الهدى، كمثل الراعي
الذي يصيح بغنمه ويزجرها، فهي تسمع الصوت والنداء، دون أن تفهم الكلام والمراد،
أو تدرك المعنى الذي يقال لها، فهؤلاء الكفار كالدواب السارحة، لا يفهمون ما
تدعوهم إليه ولا يفقهون، يسمعون القرآن ويصمون عنه الآذان [ إن هم إلا كالأنعام
بل هم أضل سبيلا ] ولهذا قال تعالى :
[ صم بكم عمي فهم لا يعقلون ] أي صم عن سماع الحق، بكم أي خرس عن النطق به، عمي
عن رؤيته، فهم لا يفقهون ما يقال لهم، لأنهم أصبحوا كالدواب فهم في ضلالهم
يتخبطون.. وخلاصة المثل – والله أعلم – مثل الذين كفروا كالبهائم التي لا تفقه
ما يقول الراعي أكثر من سماع الصوت دون أن تفهم المعنى، وهو خلاصة قول ابن عباس
[ يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ] خاطب المؤمنين لأنهم الذين
ينتفعون بالتوجيهات الربانية، والمعنى : كلوا يا أيها المؤمنون من المستلذات وما
طاب من الرزق الحلال الذي رزقكم الله إياه
[ واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون ] أي واشكروا الله على نعمه التي لا تحصى، إن
كنتم تخصونه بالعبادة ولا تعبدون أحدا سواه
[ إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ] أي ما حرم عليكم إلا الخبائث،
كالميتة، والدم، ولحم الخنزير
[ وما أهل به لغير الله ] أي وما ذبح للأصنام فذكر عليه اسم غير الله، كقولهم :
باسم اللات باسم العزى
[ فمن اضطر غير باغ ولا عاد ] أي فمن ألجأته ضرورة إلى أكل شيء من المحرمات، بشرط
ألا يكون ساعيا فى فساد، ولا متجاوزاً مقدار الحاجة
[ فلا إثم عليه ] أي فلا عقوبة عليه في الأكل
[ إن الله غفور رحيم ] أي يغفر الذنوب ويرحم العباد، ومن رحمته أن أباح المحرمات
وقت الضرورة
[ إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ] أي يخفون صفة النبى (ص) المذكورة في
التوراة وهم اليهود، قال ابن عباس : نزلت فى رؤساء اليهود حين كتموا نعت النبي
(ص)
[ ويشترون به ثمنا قليلا ] أي يأخذون بدله عوضا حقيرا من حطام الدنيا
[ أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ] أي إنما يأكلون نارا تتأجج في بطونهم
يوم القيامة، لأن أكل ذلك المال الحرام يفضي بهم إلى النار
[ ولا يكلمهم الله يوم القيامة ] أي لا يكلمهم كلام رضى كما يكلم المؤمنين، بل
يكلمهم كلام غضب وسخط كقوله :[ اخسئوا فيها ولا تكلمون ]
[ ولا يزكيهم ] أي يطهرهم من دنس الذنوب
[ ولهم عذاب أليم ] أي عذاب مؤلم وهو عذاب جهنم


الصفحة التالية
Icon