الأنثى، اقتلوها بها، مثلا بمثل، ولا تعتدوا فتقتلوا غير الجاني، فإن أخذ غير
الجاني ليس بقصاص، بل هو ظلم واعتداء
[ فمن عفى له من أخيه شيء ] أي فمن ترك له من دم أخيه المقتول شيء، بأن ترك وليه
القود، وأسقط القصاص، راضياً بقبول الدية
[ فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ] أي فعلى العافي اتباع للقاتل بالمعروف،
بأن يطالبه بالدية بلا عنف ولا إرهاق، وعلى القاتل أداء للدية إلى العافى – ولي
المقتول – بلا مطل ولا بخس
[ ذلك تخفيف من ربكم ورحمة ] أي ما شرعته لكم من العفو إلى الدية، تخفيف من ربكم
عليكم، ورحمة منه بكم، ففي الدية تخفيف على القاتل ونفع لأولياء القتيل، وقد
جمع الإسلام في عقوبة القتل بين (العدل) و(الرحمة) فجعل القصاص حقاً لأولياء
المقتول، إذا طالبوا به وذلك عدل، وشرع الدية إذا أسقطوا القصاص عن القاتل،
وذلك رحمة
[ فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم ] أي فمن اعتدى على القاتل بعد قبول الدية،
فله عذاب أليم في الآخرة
[ ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ] أي ولكم – يا أولي العقول – فيما شرعت
من القصاص حياة وأي حياة! ؟ لأن القاتل إذا علم أنه إذا قتل نفساً قتل بها يرتدع
وينزجر عن القتل، فيحفظ حياته وحياة من أراد قتله، وبذلك تصان الدماء وتحفظ
حياة الناس
[ لعلكم تتقون ] أي لعلكم تنزجرون وتتقون محارم الله ومآثمه
[ كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت ] أي فرض عليكم إذا أشرف أحدكم على الموت، وقد
ترك مالا كثيرا
[ الوصية للوالدين والأقربين ] أي وجب عليه الإيصاء للوالدين والأقربين
[ بالمعروف حقا على المتقين ] أي بالعدل بأن لا يزيد على الثلث، وألا يوصي
للأغنياء ويترك الفقراء، حقا لازما على المتقين لله، وقد كان هذا واجبا قبل
نزول آية المواريث، ثم نسخ بآية المواريث
[ فمن بدله بعدما سمعه ] أي من غير هذه الوصية بعدما علمها، من وصي أو شاهد
[ فإنما إثمه على الذين يبدلونه ] أي إثم هذا التبديل على الذين بدلوه، لأنهم
خانوا وخالفوا حكم الشرع
[ إن الله سميع عليم ] فيه وعيد شديد للمبدلين
[ فمن خاف من موص جنفا ] أي فمن علم أو ظن من الموصي ميلا عن الحق بالخطأ
[ أو إثما ] أي ميلا عن الحق عمدا
[ فأصلح بينهم فلا إثم عليه ] أي أصلح بين الموصي والموصى له فلا ذنب عليه بهذا
التبديل
[ إن الله غفور رحيم ] أي واسع المغفرة والرحمة لمن قصد بعمله الإصلاح.
البلاغة :
١- [ ولكن البر من آمن ] جعل البر نفس من آمن على طريق المبالغة وهذا معهود في
كلام البلغاء إذ تجدهم يقولون : السخاء حاتم، والشعر زهير أي أن السخاء سخاء
حاتم، والشعر شعر زهير، وعلى هذا خرجه سيبويه حيث قال فى كتابه : قال عز وجل
[ ولكن البر من آمن ] وإنما هو : ولكن البر بر من آمن بالله، انتهى. ونظير ذلك أن
تقول : ليس الكرم أن تبذل درهماً ولكن الكرم بذل الآلاف.
٢- [ وفي الرقاب ] إيجاز بالحذف أي وفي (فك الرقاب) يعنى فداء الأسرى، وفي لفظ
الرقاب (مجاز مرسل) حيث أطلق الرقبة وأراد به النفس وهو من إطلاق الجزء وإرادة
الكل.
٣- [ والصابرين في البأساء ] الأصل أن يأتي مرفوعا لعطفها على المرفوع :
[ والموفون بعهدهم ] وإنما نصب هنا على الاختصاص، أي وأخص بالذكر الصابرين، وهذا
الأسلوب معروف بين البلغاء، فإذا ذكرت صفات للمدح أو الذم وخولف الإعراب في
بعضها، فذلك تفنن، ويسمى قطعا لأن تغيير المألوف يدل على مزيد اهتمام بشأنه
وتشويق لسماعه.
٤- [ أولئك الذين صدقوا ] الجملة جاء الخبر فيها فعلا ماضيا (صدقوا) لإفادة
التحقيق، وأن ذلك وقع منهم واستقر، وأتى بخبر الثانية في جملة اسمية [ وأولئك هم
المتقون ] ليدل على الثبوت، وأنه ليس متجدداً بل صار كالسجية لهم، ومراعاة
للفاضلة أيضا.