سبب النزول :
روي أن بعض الأعراب سألوا النبي (ص) فقالوا : يا محمد أقريب ربنا فنناجيه أم
بعيد فنناديه ؟ فسكت النبى (ص) فأنزل الله :[ وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب
دعوة الداع إذا دعان ] الآية.
التفسير :
[ يا أيها الذين آمنوا ] ناداهم بلفظ الإيمان ليحرك فيهم مشاعر الطاعة، ويذكي
فيهم جذوة الإيمان
[ كتب عليكم الصيام ] أي فرض عليكم صيام شهر رمضان
[ كما كتب على الذين من قبلكم ] أي كما فرض على الأمم قبلكم
[ لعلكم تتقون ] أي لتكونوا من المتقين لله، المجتنبين لمحارمه
[ أياما معدودات ] أي الصيام أيامه معدودات، وهي أيام قلائل، فلم يفرض عليكم
الدهر كله، تخفيفا ورحمة بكم
[ فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ] أي من كان به مرض أو كان
مسافرا فأفطر فعليه قضاء عدة ما أفطر من أيام غيرها
[ وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ] أي وعلى الذين يستطيعون صيامه مع المشقة،
لشيخوخة أو ضعف، إذا أفطروا عليهم فدية بقدر طعام مسكين لكل يوم
[ فمن تطوع خيرا ] أي فمن زاد على القدر المذكور في الفدية
[ فهو خير له ] ثم قال تعالى :
[ وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون ] أي والصوم خير لكم من الفطر والفدية، إن
كنتم تعلمون ما في الصوم من أجر وفضيلة، ثم بين تعالى وقت الصيام فقال :
[ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ] أي
الأيام المعدودات التي فرضتها عليكم أيها المؤمنون، هي (شهر رمضان) الذي ابتدأ
فيه نزول القرآن حال كونه هداية للناس، لما فيه من إرشاد وإعجاز، وآيات واضحات
تفرق بين الحق والباطل
[ فمن شهد منكم الشهر فليصمه ] أي من حضر منكم الشهر فليصمه
[ ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام آخر ] أي ومن كان مريضا أو مسافرا،
فأفطر فعليه صيام أيام أخر، وكرر ذكر المرض والسفر، لئلا يتوهم نسخه بعموم لفظ
شهود الشهر
[ يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ] أي يريد الله بهذا الترخيص، التيسير
عليكم لا التعسير
[ ولتكملوا العدة ] أي ولتكملوا عدة شهر رمضان بقضاء ما أفطرتم
[ ولتكبروا الله على ما هداكم ] أي ولتحمدوا الله على ما أرشدكم إليه من معالم
الدين
[ ولعلكم تشكرون ] أي ولكي تشكروا الله على فضله وإحسانه.. ثم بين تعالى أنه قريب
يجيب دعوة الداعين، ويقضي حوائج السائلين فقال :
[ وإذا سألك عبادي عني فإني قريب ] أي أنا معهم أسمع دعاءهم، وأرى تضرعهم، وأعلم
حالهم كقوله سبحانه :[ ونحن اقرب إليه من حبل الوريد ] !!
[ أجيب دعوة الداع إذا دعان ] أي أجيب دعوة من دعاني إذا كان عن إيمان وخشوع قلب
[ فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ] أي إذا كنت أنا ربكم الغني عنكم،
أجيب دعاءكم، فاستجيبوا أنتم لدعوتي، بالإيمان بي وطاعتي، ودوموا على الإيمان
لتكونوا من السعداء الراشدين.. ثم شرع تعالى في بيان تتمة أحكام الصيام بعد أن
ذكر آية القرب والدعاء فقال :
[ أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ] أي أبيح لكم أيها الصائمون غشيان
النساء في ليالي الصوم
[ هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ] قال ابن عباس : أراد به الجماع، ولكن الله عز وجل
كريم، حليم، يكني، أي هن سكن لكم وأنتم سكن لهن
[ علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم ] أي تخونونها ولا تصبرون عن الانقطاع عن
معاشرتهن في ليالي رمضان، وكان محرما ذلك عليهم ثم نسخ، روى البخاري عن البراء
رضي الله عنه قال :
(لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله، وكان رجال يخونون
أنفسهم، فأنزل الله [ علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم ] الآية
[ فتاب عليكم وعفا عنكم ] أي فقبل توبتكم وعفا عنكم، لما فعلتموه قبل النسخ
[ فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم ] أي جامعوهن في ليالي الصوم، واطلبوا


الصفحة التالية
Icon