سائل، بحيث لا تتوقف إجابته على وجود واسطة بينه وبين السائلين من ذوي الحاجات.
الرابعة : قال الإمام ابن تيمية :" وهو سبحانه فوق العرش رقيب على خلقه مهيمن
عليهم، مطلع إليهم، فدخل في ذلك الإيمان بأنه قريب من خلقه "، وفي الصحيح :" إن
الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته " وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه
ومعيته، لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته، فإنه سبحانه ليس كمثله شيء.
الخامسة : عبر المولى جل وعلا عن المباشرة الجنسية التي تكون بين الزوجين بتعبير
سام لطيف، لتعليمنا الأدب في الأمور التي تتعلق بالجنس والنساء ولهذا قال ابن
عباس رضي الله عنه : إن الله عز وجل كريم حليم يكني.
قال الله تعالى :[ ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل.. إلى.. وأحسنوا إن الله
يحب المحسنين ] من آية (١٨٨) إلى نهاية آية (١٩٥).
المناسبة :
لما بين تعالى في الآيات السابقة أحكام الصيام وأباح للمؤمنين الاستمتاع
بالطعام والشراب والنكاح في ليالي رمضان، عقبه بالنهي عن أكل الأموال بغير حق،
ينبه تعالى إلى أن الغرض من الصيام، ليس الامتناع عن الطعام، إنما هو اجتناب
الحرام، ولما كان حديث الصيام يتصل برؤية الهلال وهذا ما يحرك في النفوس خاطر
السؤال عن الأهلة، جاءت الآيات الكريمة تبين أن الأهلة مواقيت لعبادات الناس في
الصيام وسائر أنواع القربات.
اللغة :
[ الباطل ] في اللغة : الزائل الذاهب يقال : بطل الشيء بطولا فهو باطل، وفي الشرع
هو المال الحرام، كالغصب، والسرقة، والقمار، والربا
[ وتدلوا ] الإدلاء في الأصل : إرسال الدلو في البئر، ثم جعل لكل إلقاء، والمراد
بالإدلاء هنا الدفع إلى الحاكم بطريق الرشوة
[ الأهلة ] جمع هلال، وهو أول ظهور القمر حين يراه الناس، ثم يصبح قمرا، ثم بدرا
حين يتكامل نوره
[ مواقيت ] جمع ميقات وهو الوقت كالميعاد بمعنى الوعد، وقيل : الميقات منتهى الوقت
[ ثقفتموهم ] ثقف الشيء إذا ظفر به ووجده على جهة الأخذ والغلبة، ورجل ثقف سريع
الأخذ لأقرانه، قال الشاعر : فإما تثقفوني فاقتلوني فمن أثقف فليس إلى خلود
[ التهلكة ] الهلاك يقال : هلك يهلك هلاكا وتهلكة.
[ سبب النزول ] :
روي أن بعض الصحابة قالوا يا رسول الله : ما بال الهلال يبدو دقيقا مثل الخيط ثم
يزيد حتى يمتلىء ويستوي ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما بدأ، لا يكون على حالة
واحدة كالشمس فنزلت
[ يسألونك عن الأهلة ] الآية.
وروي أن الأنصار كانوا إذا أحرم الرجل منهم في الجاهلية لم يدخل بيتا من بابه
بل كان يدخل من نقب في ظهره، أو يتخذ سلما يصعد فيه، فجاء رجل من الأنصار، فدخل
من جهة بابه، فكأنه عير بذلك، فنزل قوله تعالى :[ وليس البر بأن تأتوا البيوت من
ظهورها ].
التفسير :
[ ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ] أي لا يأكل بعضكم أموال بعض، بالوجه الذي
لم يبحه الله
[ وتدلوا بها إلى الحكام ] أي تدفعوها إلى الحكام رشوة
[ لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم ] أي ليعينوكم على اخذ طائفة من أموال
الناس بالباطل
[ وأنت تعلمون ] أنكم مبطلون تأكلون الحرام
[ يسألونك عن الأهلة ] أي يسألونك يا محمد عن الهلال، لم يبدو دقيقا مثل الخيط ثم
يعظم ويستدير، ثم ينقص ويدق حتى يعود كما كان ؟
[ قل هي مواقيت للناس والحج ] أي فقل لهم إنها أوقات لعباداتكم، ومعالم تعرفون
بها مواعيد الصوم والحج والزكاة
[ وليس البر أن تأتوا البيوت من ظهورها ] أي ليس البر بدخولكم المنازل من ظهورها
كما كنتم تفعلون في الجاهلية
[ ولكن البر من اتقى ] أي ولكن العمل الصالح الذي يقربكم من الله في اجتناب محارم
الله
[ وأتوا البيوت من أبوابها ] ادخلوها كعادة الناس من الأبواب
[ واتقوا الله لعلكم تفلحون ] أي اتقوا الله لتسعدوا وتظفروا برضاه


الصفحة التالية
Icon