سيئة مثلها ] قال الزجاج : العرب تقول : ظلمني فلان فظلمته أي جازيته بظلمه.
فائدة :
لا يذكر في القرآن الكريم لفظ القتال أو الجهاد إلا ويقرن بكلمة (سبيل الله)
وفي ذلك دلالة واضحة على أن الغاية من القتال، غاية شريفة نبيلة هي (إعلاء كلمة
الله)، لا السيطرة أو المغنم، أو الاستعلاء في الأرض أو غيرها من الغايات
الدنيئة.
تنبيه :
كل ما ورد في القرآن بصيغة السؤال أجيب عنه ب " قل " بلا فاء إلا في طه [ فقل
ينسفها ربي نسفا ] فقد وردت بالفاء، والحكمة أن الجواب في الجميع كان بعد وقوع
السؤال، وفي طه كان قبله، إذ تقديره إن سئلت عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا.
فائدة :
روي أن رجلا من المسلمين حمل على جيش الروم حتى دخل فيهم، فصاح الناس : سبحان الله ألقى بيديه إلى التهلكة، فقال (أبو أيوب الأنصاري) : إنما نزلت هذه الآية
فينا معشر الأنصار، حين أعز الله الإسلام وكثر ناصروه فقلنا : لو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها فنزلت [ وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ] فكانت التهلكة الإقامة على الأموال وإصلاحها، وترك الجهاد في سبيل الله، فما زال أبو أيوب شاخصا – أي مجاهدا – في سبيل الله، حتى استشهد ودفن بأرض الروم.
قال الله تعالى :[ وأتموا الحج والعمرة لله.. إلى.. واعلموا أنكم إليه تحشرون ]
من آية (١٩٦) إلى نهاية آية (٢٠٣).
المناسبة :
لما ذكر الله تعالى في الآيات السابقة أحكام الصيام، أعقب ذلك بذكر أحكام الحج،
لأن شهوره تأتي مباشرة بعد شهر الصيام، وأما آيات القتال فقد ذكرت عرضا لبيان
حكم هام، وهو بيان الأشهر الحرم والقتال فيها، ثم عاد الكلام إلى أحكام الحج،
وحكم الإحصار فيه، فهذا هو وجه الارتباط بين الآيات السابقة واللاحقة.
اللغة :
[ أحصرتم ] الإحصار : معناه المنع والحبس، يقال : حصره عن السفر، وأحصره إذا حبسه
ومنعه، قال الأزهري : حصر الرجل في الحبس، وأحصر في السفر من مرض أو انقطاع به [ الهدي ] هو ما يهدى إلى بيت الله من أنواع النعم كالإبل والبقر والغنم وأقله
شاة
[ محله ] المحل : الموضع الذي يحل به نحر الهدي، وهو الحرم أو مكان الإحصار للمحصر
[ النسك ] جمع نسيكة وهي الذبيحة ينسكها العبد لله تعالى
[ جناح ] إثم وأصله من الجنوح وهو الميل عن القصد
[ أفضتم ] أي دفعتهم، وأصله من فاض الماء، إذا سال منصبا ومعنى [ أفضتم من عرفات ]
أي دفعتم منها بقوة، تشبيهاً بفيض الماء.
[ خلاق ] نصيب من رحمة الله تعالى
[ تحشرون ] تجمعون للحساب.
سبب النزول :
أولا : عن ابن عباس رضي الله عنه قال : كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون،
ويقولون : نحن المتوكلون، فإذا قدموا مكة سألوا الناس، فأنزل الله عز وجل
[ وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ].
ثانيا : وعن عائشة رضي الله عنها قالت : كانت قريش ومن دان دينها يقفون
بالمزدلفة، وكانوا يسمون (الحمس) وسائر العرب يقفون بعرفات، فلما جاء الإسلام
أمر الله تعالى نبيه أن يأتي عرفات، ثم يقف بها ثم يفيض منها، وكانت قريش تفيض
من جمع من المشعر الحرام، فأنزل الله تعالى [ ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ] أي
أنزلوا من عرفة، وساووا الناس في حجهم وعبادتهم.
التفسير :
[ وأتموا الحج والعمرة لله ] أي أدوهما تامين بأركانهما وشروطهما لوجه الله تعالى
[ فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ] أي إذا منعتم عن إتمام الحج أو العمرة، بمرض
أو عدو، وأردتم التحلل فعليكم أن تذبحوا ما تيسر من بدنة، أو بقرة، أو شاة
[ ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله ] أي لا تتحللوا من إحرامكم بالحلق أو
التقصير، حتى يصل الهدي المكان الذي يحل ذبحه فيه وهو الحرم، أو مكان الإحصار
[ فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ] أي فمن


الصفحة التالية
Icon