كان منكم معشر المحرمين مريضا مرضا يتضرر معه بالشعر فحلق، أو كان به أذى من
رأسه كقمل وصداع فحلق في الإحرام، فعليه فدية وهي : إما صيام ثلاثة أيام، أو يتصدق بثلاثة آصع على ستة مساكين، أو يذبح ذبيحة وأقلها شاة [ فإذا أمنتم ] أي كنتم آمنين من أول الأمر، أو صرتم بعد الإحصار آمنين
[ فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي ] أي من اعتمر في أشهر الحج،
واستمتع بما يستمتع به غير المحرم، من الطيب والنساء وغيرها، فعليه ما تيسر من
الهدي، وهو شاة يذبحها شكرا لله تعالى
[ فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم ] أي من لم يجد ثمن
الهدي، فعليه صيام عشرة أيام، ثلاثة حين يحرم بالحج، وسبعة إذا رجع إلى وطنه
[ تلك عشرة كاملة ] أى عشرة كاملة تجزئ عن الذبح، وثوابها كثوابه من غير نقصان
[ ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ] أي ذلك التمتع أو الهدي، خاص بغير
أهل الحرم، أما سكان الحرم فليس لهم تمتع وليس عليهم هدى
[ واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب ] أي خافوا الله تعالى بامتثال أوامره
واجتناب نواهيه، واعلموا أن عقابه شديد لمن خالف أمره.. ثم بين تعالى وقت الحج
فقال :
[ الحج أشهر معلومات ] أي وقت الحج هو تلك الأشهر المعروفة بين الناس وهي (شوال،
وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة)
[ فمن فرض فيهم الحج ] أي من ألزم نفسه الحج بالإحرام والتلبية
[ فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ] أي لا يقرب النساء، ولا يستمتع بهن فإنه
مقبل على الله قاصد لرضاه، فعليه أن يترك الشهوات، وأن يترك المعاصي، والجدال،
والخصام، مع الرفقاء
[ وما تفعلوا من خير يعلمه الله ] أي وما تقدموا لأنفسكم من خير يجازيكم عليه
الله خير الجزاء
[ وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ] أي تزودوا لآخرتكم بالتقوى فإنها خير زاد
[ واتقون يا أولي الألباب ] أي خافون واتقوا عقابي يا ذوي العقول والأفهام
[ ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ] أي لا حرج ولا إثم عليكم، في التجارة
في أثناء الحج، فإن التجارة الدنيوية لا تنافي العبادة الدينية... وقد كانوا
يتأثمون من ذلك فنزلت الآية تبيح لهم الاتجار في أشهر الحج
[ فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام ] أي إذا دفعتم من عرفات
بعد الوقوف بها، فاذكروا الله بالدعاء والتضرع، والتكبير والتهليل، عند المشعر
الحرام بالمزدلفة
[ واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين ] أي اذكروه ذكرا حسنا كما
هداكم هداية حسنة، واشكروه على نعمة الهداية والإيمان، فقد كنتم قبل هدايته لكم
في عداد الضالين، الجاهلين بالإيمان وشرائع الدين
[ ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ] أي ثم انزلوا من عرفة حيث ينزل الناس، لا من
المزدلفة، والخطاب لقريش حيث كانوا يترفعون على الناس أن يقفوا معهم، وكانوا
يقولون : نحن أهل الله وسكان حرمه، فلا نخرج منه، فيقفون في المزدلفة لأنها من
الحرم، ثم يفيضون منها وكانوا يسمون " الحمس " فأمر الله تعالى رسوله (ص) أن يأتي
عرفة، ثم يقف بها ثم يفيض منها
[ واستغفروا الله إن الله غفور رحيم ] أي استغفروا الله عما سلف منكم من المعاصي،
فإن الله عظيم المغفرة، واسع الرحمة
[ فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا ] أي إذا فرغتم من
أعمال الحج وانتهيتم منها فأكثروا ذكره، وبالغوا في ذلك كما كنت تذكرون آباءكم،
وتعدون مفاخرهم بل أشد، قال المفسرون : كانوا يقفون بمنى بين المسجد والجبل بعد
قضاء المناسك، فيذكرون مفاخر آبائهم ومحاسن أيامهم، فأمروا أن يذكروا الله وحده
[ فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق ] أي من الناس


الصفحة التالية
Icon