في أموالهم ؟ أيخالطونهم أم يعتزلونهم ؟ فقل لهم : مداخلتهم على وجه الإصلاح خير
من اعتزالهم
[ وإن تخالطوهم فإخوانكم ] أي إذا خلطتم أموالهم بأموالكم على وجه المصلحة لهم،
فهم إخوانكم في الدين، وأخوة الدين أقوى من أخوة النسب، ومن حقوق هذه الأخوة
المخالطة بالإصلاح والنفع
[ والله يعلم المفسد من المصلح ] أي والله تعالى أعلم وأدرى، بمن يقصد بمخالطتهم
الخيانة والإفساد لأموالهم، ويعلم كذلك من يقصد لهم الإصلاح، فيجازي كلا بعمله
[ ولو شاء الله لأعنتكم ] أي لو شاء تعالى لأوقعكم في الحرج والمشقة وشدد عليكم،
ولكنه يسر عليكم الدين وسهله رحمة بكم
[ إن الله عزيز حكيم ] أي هو تعالى الغالب الذي لا يمتنع عليه شيء، الحكيم فيما
يشرع لعباده من الأحكام.. ثم حذر تعالى من زواج المشركات اللواتي ليس لهن دين
سماوي فقال :
[ ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ] أي لا تتزوجوا أيها المسلمون بالمشركات من غير
أهل الكتاب حتى يؤمن بالله واليوم الآخر
[ ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ] أي ولأمة مؤمنة خير وأفضل من حرة
مشركة، ولو أعجبتكم المشركة بجمالها ومالها وسائر ما يوجب الرغبة فيها، من حسب
أو جاه أو سلطان
[ ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ] أي ولا تزوجوا بناتكم من المشركين – وثنيين
كانوا أو أهل كتاب – حتى يؤمنوا بالله ورسوله
[ ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم ] أي ولأن تزوجوهن من عبد مؤمن، خير لكم من
أن تزوجوهن من حر مشرك، مهما أعجبكم في الحسب والنسب والجمال
[ أولئك يدعون إلى النار ] أي أولئك المذكورون من المشركين والمشركات، الذين حرمت
عليكم مصاهرتهم ومناكحتهم، يدعونكم إلى ما يوصلكم إلى النار، وهو الكفر والفسوق
فحقكم ألا تتزوجوا منهم ولا تزوجوهم
[ والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ] أي هو تعالى يريد بكم الخير ويدعوكم إلى
ما فيه سعادتكم، وهو العمل الذي يوجب الجنة ومغفرة الذنوب
[ ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون ] أي يوضح حججه وأدلته للناس، ليتذكروا
فيميزوا بين الخير والشر والخبيث والطيب.. ثم بين تعالى أحكام الحيض فقال :
[ ويسألونك عن المحيض قل هو أذى ] أي يسألونك يا أيها الرسول عن إتيان النساء في
حالة الحيض، أيحل أم يحرم ؟ فقل لهم : إنه شيء مستقذر، ومعاشرتهن في هذه الحالة
فيه أذى للزوجين
[ فاعتزلوا النساء في المحيض ] أي اجتنبوا معاشرة النساء في حالة الحيض
[ ولا تقربوهن حتى يطهرن ] أي لا تجامعوهن حتى ينقطع عنهن دم الحيض ويغتسلن،
والمراد من الآية التنبيه على أن الغرض (عدم المعاشرة) لا عدم القرب منهن، وعدم
مؤاكلتهن ومجالستهن، كما كان يفعل اليهود إذا حاضت عندهم المرأة
[ فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ] أي فإذا تطهرن بالماء، فأتوهن في المكان
الذي أحله الله لكم، وهو مكان النسل والولد، وهو القبل لا الدبر
[ إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ] أي يحب التائبين من الذنوب، المتنزهين
عن الفواحش والأقذار
[ نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ] أي نساؤكم مكان زرعكم وموضع نسلكم، وفي
أرحامهن يتكون الولد، فأتوهن في موضع النسل والذرية ولا تتعدوه إلى غيره، قال
ابن عباس :(اسق نباتك من حيث ينبت) ومعنى [ أنى شئتم ] أي كيف شئتم، قائمة وقاعدة
ومضطجعة، بعد أن يكون في مكان الحرث " الفرج " وهو رد لقول اليهود : إذا أتى الرجل
امرأته في قبلها من دبرها جاء الولد أحول
[ وقدموا لأنفسكم ] أي قدموا صالح الأعمال التي تكون لكم ذخرا في الآخرة
[ واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه ] أي خافوا الله باجتناب معاصيه، وأيقنوا بأن
مصيركم إليه فيجازيكم بأعمالكم
[ وبشر المؤمنين ] أي بشرهم بالفوز العظيم في جنات النعيم