للإضرار بهن، لهن انتظار أربعة أشهر [ فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم ] أي إن رجعوا إلى عشرة أزواجهن بالمعروف – وهو كناية عن الجماع – أي رجعوا عن اليمين إلى الوطء، فإن الله يغفر ما صدر منهم من إساءة ويرحمهم [ وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم ] أي وإن صمموا على عدم المعاشرة، والامتناع عن الوطء، فإن الله سميع لأقوالهم عليم بنياتهم، والمراد من الآية أن الزوج إذا حلف ألا يقرب زوجته تنتظره الزوجة مدة أربعة أشهر، فإن عاشرها في المدة فبها ونعمت، ويكون قد حنث في يمينه وعليه الكفارة، وإن لم يعاشرها وقعت الفرقة والطلاق، بمضي تلك المدة عند أبي حنيفة، وقال الشافعي : ترفع أمره إلى الحاكم، فيأمره إما بالفيئة أو الطلاق فإن امتنع عنهما طلق عليه الحاكم، هذا هو خلاصة حكم الإيلاء.. ثم قال تعالى مبينا أحكام العدة والطلاق الشرعي [ والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ] أي الواجب على المطلقات الحرائر المدخول بهن أن ينتظرن مدة ثلاثة أطهار – على قول الشافعي ومالك – أو ثلاث حيض على قول أبي حنيفة وأحمد، ثم تتزوج إن شاءت بعد انتهاء عدتها، وهذا في المدخول بها، أما غير المدخول بها، فلا عدة عليها، لقوله تعالى [ فما لكم عليهن من عدة ]
[ ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن ] أي لا يباح للمطلقات أن يخفين
ما في أرحامهن من حبل أو حيض، استعجالا في العدة، وإبطالا لحق الزوج في الرجعة
[ إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر ] أي إن كن حقا مؤمنات بالله، ويخشين من عقابه،
وهذا تهديد لهن حتى يخبرن بالحق من غير زيادة ولا نقصان، لأنه أمر لا يعلم إلا
من جهتهن
[ وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ] أي وأزوجهن أحق بهن في الرجعة،
من التزويج للأجانب إذا لم تنقض عدتهن، إذا كان الغرض من الرجعة الإصلاح لا
الإضرار، وهذا في الطلاق الرجعي
[ ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ] أي ولهن على الرجال من الحق مثل ما للرجال
عليهن، بالمعروف الذي أمر تعالى به، من حسن العشرة وترك الضرار ونحوه
[ وللرجال عليهن درجة ] أي وللرجال على النساء ميزة، وهي فيما أمر تعالى به من
(القوامة، والإنفاق، والإمرة، ووجوب الطاعة)، فهي درجة تكليف لا تشريف لقوله
تعالى [ إن أكرمكم عند الله أتقاكم ]
[ والله عزيز حكيم ] أي غالب ينتقم ممن عصاه، حكيم في أمره وتشريعه.. ثم بين
تعالى طريقة الطلاق الشرعية فقال
[ الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ] أي الطلاق المشروع الذي يملك به
الزوج الرجعة (مرتان) وليس بعدهما إلا المعاشرة بالمعروف مع حسن المعاملة، أو
التسريح بإحسان، بألا يظلمها من حقها شيئا، ولا يذكرها بسوء، ولا ينفر الناس
عنها
[ ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا ] أي لا يحل لكم أيها الأزواج أن
تأخذوا مما دفعتم إليهن من المهور شيئا ولو قليلا
[ إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله ] أي إلا أن يخاف الزوجان سوء العشرة وألا
يرعيا حقوق الزوجية التي أمر الله تعالى بها
[ فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ] أي فإن خفتم سوء
العشرة بينهما وأرادت الزوجة أن تختلع بالنزول عن مهرها، أو بدفع شيء من المال
لزوجها حتى يطلقها، فلا إثم على الزوج في أخذه ولا على الزوجة في بذله
[ تلك حدود الله فلا تعتدوها ] أي هذه الأحكام العظيمة، من (الطلاق، والرجعة،
والخلع) وغيرها هي شرائع الله وأحكامه، فلا تخالفوها ولا تتجاوزوها إلى غيرها
مما لم يشرعه الله
[ ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون ] أي من خالف أحكام الله فقد عرض نفسه
لسخط الله، وهو من الظالمين المستحقين للعقاب الشديد
[ فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ] أي فإن طلق الرجل المرأة


الصفحة التالية
Icon