ترجع أبدا !! فعلم الله حاجته إليها وحاجتها إلى بعلها فأنزل الله [ وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن.. ] الآية فلما سمعها معقل قال : سمعاً لربي وطاعة، ثم دعاه فقال : أزوجك وأكرمك، أقول : في هذا غاية الاستجابة والمسارعة لأمر الله عز وجل!
التفسير :
[ وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن ] أي إذا طلقتم يا معشر الرجال النساء طلاقا
رجعيا وقاربن انقضاء العدة
[ فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ] أي فراجعوهن من غير ضرار ولا أذى، أو
اتركوهن حتى تنقضى عدتهن بإحسان، من غير تطويل العدة عليهن [ ولا تمسكوهن ضرارا
لتعتدوا ] أى لا تراجعوهن إرادة الإضرار بهن، لتظلموهن بالإلجاء إلى الافتداء،
وفيه زجر لما كان عليه الناس، حيث كان الزوج يترك المعتدة حتى إذا شارفت انقضاء
العدة، يراجعها للإضرار بها، ليطول عليها العدة لا للرغبة فيها
[ ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ] أي من يمسكها للإضرار بها أو ليكرهها على
الافتداء، فقد ظلم بذلك العمل نفسه لأنه عرضها لعذاب الله
[ ولا تتخذوا آيات الله هزوا ] أي لا تهزءوا بأحكام الله وأوامره ونواهيه،
فتجعلوا شريعته مهزوءاً بها بمخالفتكم لها
[ واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة ] أي اذكروا فضل
الله عليكم بهدايتكم للإسلام، وما أنعم به عليكم من القرآن العظيم، والسنة
المطهرة
[ يعظكم به ] أي يرشدكم ويذكركم بكتابه وهدي رسوله إلى سعادتكم في الدارين
[ واتقوا الله واعلموا أن الله بكل شيء عليم ] أي خافوا الله وراقبوه في أعمالكم،
واعلموا أنه تعالى لا تخفى عليه خافية من أحوالكم.. ثم أمر تعالى الأولياء بعدم
عضل النساء الراغبات في العودة إلى أزواجهن فقال [ وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن ] أي إذا طلقتم النساء وانقضت عدتهن
[ فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ] أي فلا تمنعوهن يا
معشر الأولياء من العودة لأزواجهن، إذا صلحت الأحوال بين الزوجين، وظهرت أمارات
الندم، ورضي كل منهما العودة لصاحبه والسير بما يرضي الله
[ ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ] أي ما نهيتكم عنه من
الإضرار بالنساء، والعضل لهن، ينصح به ويوعظ به، من كان يؤمن بالله واليوم
الآخر، لأنه هو المنتفع بالمواعظ الشرعية
[ ذلكم أزكى لكم وأطهر ] أي الاتعاظ بما ذكر والتمسك بأوامر الله، خير وأنفع لكم
وأطهر من الآثام وأوضار الذنوب
[ والله يعلم وأنتم لا تعلمون ] أي والله يعلم ما هو أصلح لكم من الأحكام
والشرائع، وأنتم لا تعلمون ذلك، فامتثلوا أمره تعالى ونهيه في جميع ما تأتون
وما تذرون.
البلاغة :
١- [ فبلغن أجلهن ] أي قاربن انقضاء عدتهن، أطلق الكل على الأكثر، فهو مجاز مرسل،
لأنه لو انقضت العدة لما جاز له إمساكها والله تعالى يقول [ فأمسكوهن بمعروف ].
٢- [ واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة ] هو من باب عطف
الخاص على العام، لأن النعمة يراد بها (نعم الله) والكتاب والسنة من أفراد هذه
النعم.
٣- [ واعلموا أن الله بكل شيئ عليم ] بين كلمة " اعلموا " و " عليم " من المحسنات
البديعية ما يسمى بجناس الاشتقاق.
٤- [ أن ينكحن أزواجهن ] يراد بأزواجهن " المطلقين " لهن، فهو من باب " المجاز
المرسل " والعلاقة اعتبار ما كان قبل الطلاق.
فائدة :
قال الإمام الفخر : الحكمة في إثبات حق الرجعة، أن الإنسان ما دام مع صاحبه لا