فإن المرضع إذا لم تكرم، لا تهتم بالطفل، ولا تعنى بإرضاعه
[ واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير ] أي راقبوا الله في جميع
أفعالكم، فإنه تعالى لا يخفى عليه شيء من أقوالكم وأحوالكم، وفي ضمنه وعيد
وتهديد
[ والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ] أي على
النساء اللواتي يموت أزواجهن، أن يمكثن في العدة أربعة أشهر وعشرة أيام، حداداً
على أزواجهن، وهذا الحكم لغير الحامل، أما الحامل فعدتها وضع الحمل، لقوله
تعالى [ وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ]
[ فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف ] أي فإذا انقضت
عدتهن فلا إثم عليكم أيها الأولياء في الإذن لهن بالزواج، وفعل ما أباحه لهن
الشرع، من الزينة والتعرض للخطاب
[ والله بما تعملون خبير ] أي عليم بجميع أعمالكم فيجازيكم عليها
[ ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء ] أي لا إثم عليكم أيها الرجال في
التعريض بخطبة النساء، المتوفى عنهن أزواجهن في العدة، بطريق التلميح لا
التصريح، قال ابن عباس : كقول الرجل : وددت أن الله يسر لي امرأة صالحة، وإن
النساء لمن حاجتي
[ أو أكننتم في أنفسكم ] أي ولا إثم عليكم أيضا فيما أخفيتموه في أنفسكم من رغبة
الزواج بهن
[ علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا ] أي
قد علم الله أنكم ستذكرونهن في أنفسكم، ولا تصبرون عنهن، فرفع عنكم الحرج،
فاذكروهن ولكن لا تواعدوهن بالنكاح سرا، إلا بطريق التعريض والتلويح، وبالمعروف
الذي أقره لكم الشرع
[ ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله ] أي ولا تعقدوا عقد النكاح حتى
تنتهى العدة
[ واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه ] أي احذروا عقابه فى مخالفتكم أمره
[ واعلموا أن الله غفور حليم ] أي يمحو ذنب من أناب، ولا يعاجل العقوبة لمن
عصاه.. ثم ذكر تعالى حكم المطلقة قبل المساس فقال
[ لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ] أي لا إثم
عليكم أيها الرجال إن طلقتم النساء، قبل المسيس " الجماع " وقبل أن تفرضوا لهن
مهرا، فالطلاق في مثل هذه الحالة غير محظور، إذا كان لمصلحة أو ضرورة
[ ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف حقا على المحسنين ]
أي فإذا طلقتموهن فادفعوا لهن المتعة تطييبا لخاطرهن، وجبرا لوحشة الفراق، على
قدر حال الرجل في الغنى والفقر، الموسر بقدر يساره، والمعسر بقدر إعساره،
تمتيعاً بالمعروف حقا على المؤمنين المحسنين
[ وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم ] أي وإذا
طلقتموهن قبل الجماع، وقد كنتم ذكرتم لهن مهرا معينا، فالواجب عليكم أن تدفعوا
(نصف المهر) المسمى لهن، لأنه طلاق قبل المسيس
[ إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ] أي إلا إذا أسقطت المطلقة حقها،
أو أسقط ولي أمرها الحق إذا كانت صغيرة، وقيل : هو الزوج لأنه هو الذي ملك عقدة
النكاح، وذلك بأن يسامحها بكامل المهر الذي دفعه لها واختاره ابن جرير، وقال
الزمخشري : القول بأنه الولي ظاهر الصحة
[ وأن تعفوا أقرب للتقوى ] الخطاب عام للرجال والنساء، قال ابن عباس : أقربهما
للتقوى الذي يعفو [ ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير ] أي لا تنسوا أيها المؤمنون الجميل، والإحسان بينكم، فالله مطلع على أعمالكم وسيجازيكم عليها.. ختم تعالى الآيات بالتذكير بعدم نسيان المودة والإحسان والجميل بين الزوجين، فإذا كان
الطلاق قد تم لأسباب ضرورية قاهرة، فلا ينبغي أن يكون هذا قاطعاً لروابط
المصاهرة ووشائج القربى.
البلاغة :


الصفحة التالية
Icon