١- [ والوالدات يرضعن ] أمر أخرج مخرج الخبر، مبالغة في الحمل على تحقيقه، أي
ليرضعن كالآية السابقة [ والمطلقات يتربصن ].
٢- [ أن تسترضعوا أولادكم ] فيه إيجاز بالحذف أي تسترضعوا المراضع لأولادكم، كما
أن فيه الالتفات من الغيبة إلى الخطاب لأن ما قبله [ فإن أرادا فصالا ] وفائدة
هذا الالتفات هز مشاعر الآباء شفقة على الأبناء، ورحمة بهم!
٣- [ ولا تعزموا عقدة النكاح ] ذكر العزم للمبالغة في النهي عن مباشرة النكاح،
فإذا نهي عنه، كان النهي عن الفعل من باب أولى.
٤- [ ما لم تمسوهن ] كنى تعالى بالمس عن " الجماع " تأديبا وتعليما للعباد، في
اختيار أحسن الألفاظ فيما يتخاطبون به.
٥- [ وأن تعفوا ] و[ لا تنسوا الفضل ] الخطاب عام للرجال والنساء ولكنه ورد بطريق
التغليب.
٦- [ واعلموا أن الله ] إظهار الاسم الجليل في موضع الإضمار لتربية المهابة
والروعة.
الفوائد :
الأولى : التعبير بلفظ " الوالدات " دون قوله " والمطلقات " أو النساء المطلقات،
لاستعطافهن نحو الأولاد، فحصول الطلاق لهن لا ينبغي أن يحرمهن (عاطفة الأمومة)
فالأم ينبغي أن تبقى في حنانها ولو طلقت!
الثانية : أضاف تعالى الولد في الآية الكريمة إلى كل من الأبوين في قوله [ والدة
بولدها ] و[ مولود له بولده ] وذلك لطلب الاستعطاف والإشفاق عليه، فالولد ليس
أجنبيا عن الوالدين، هذه أمه، وذاك أبوه، فمن حقهما أن يشفقا عليه، ولا تكون
العداوة بينهما سببا للإضرار به.
الثالثة : الحكمة في إيجاب المتعة للمطلقة هي جبر إيحاش الطلاق، قال ابن عباس :
إن كان معسرا متعها بثلاثة أثواب، وإن كان موسراً متعها بخادم.
الرابعة : روي أن (الحسن بن علي) متع زوجته بعشرة آلاف درهم، فقالت المرأة :
" متاع قليل من حبيب مفارق " وسبب طلاقه إياها ما روي أنه لما أصيب علي كرم الله
وجهه، وبويع الحسن بالخلافة، قالت له : لتهنك الخلافة يا أمير المؤمنين! فقال :
يقتل علي وتظهرين الشماتة ؟ اذهبي فأنت طالق ثلاثا، فتلفعت وقعدت حتى انقضت
عدتها، فبعث إليها بعشرة آلاف درهم متعة، وبقية ما بقي لها من صداقها، فقالت
ذلك، فلما أخبره الرسول بكى وقال : لولا أنني طلقتها ثلاثا لراجعتها.
قال الله تعالى :[ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى.. إلى.. كذلك يبيتن الله
لكم آياته لعلكم تعقلون ] من آية (٢٣٨) إلى نهاية آية (٢٤٢).
المناسبة :
توسطت آيات المحافظة على الصلاة خلال الآيات الكريمة المتعلقة بأحكام الأسرة،
وعلاقات الزوجين عند الطلاق أو الافتراق وذلك لحكمة بليغة، وهي أن الله تعالى
لما أمر بالعفو والتسامح وعدم نسيان الفضل بعد الطلاق، بين بعد ذلك أمر الصلاة،
لأنها أعظم وسيلة إلى نسيان هموم الدنيا وأكدارها، ولهذا كان (ص) إذا حزبه هم
فزع إلى الصلاة، فالطلاق يولد الشحناء والبغضاء، والصلاة تدعو إلى الإحسان
والتسامح، وتنهى عن الفحشاء والمنكر، وذلك أفضل طريق لتربية النفس الإنسانية.
اللغة :
[ حافظوا ] المحافظة : لمداومة على الشيء والمواظبة عليه
[ الوسطى ] مؤنث الأوسط، ووسط الشيء خيره وأعدله، قال اعرابي يمدح الرسول (ص).
يا أوسط الناس طرا في مفاخرهم وأكرم الناس أما برة وأبا
[ قانتين ] أصل القنوت في اللغة : المداومة على الشيء، وقد خصه القرآن بالدوام على
الطاعة والملازمة لها، على وجه الخشوع والخضوع قال تعالى [ يا مريم اقتني لربك ]
[ فرجالا ] جمع راجل وهو القائم على القدمين، قال الراغب : اشتق من الرجل راجل،
للماشي بالرجل ويقال : رجل راجل أي قوي على المشي
[ ركبانا ] جمع راكب وهو من يركب الفرس والدابة ونحوهما.
التفسير :
[ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ] أي واظبوا أيها المؤمنون وداوموا على أداء


الصفحة التالية
Icon