[ أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون ] أى بأن انذروا أهل الكفر أنه لا معبود بحق إلا الله، فخافوا عذابي وانتقامى !! ثم ذكر تعالى البراهين الدالة على وحدانيته وقدرته فقال سبحانه :
[ خلق السموات والأرض بالحق ] أى خلقهما بالحق الثابت، والحكمة الفائقة، لا عبثاَ ولا جزافا
[ تعالى عما يشركون ] أى تمجد وتقدس عن الشريك والنظير
[ خلق الإنسان من نطفة ] أى خلق هذا الجنس البشرى من نطفة مهينة ضعيفة هى المنى
[ فإذا هو خصيم مبين ] أى فإذا به بعد تكامله بشرا مخاصم لخالقه، واضح الخصومة، يكابر ويعاند، وقد خلق ليكون عبدا لا ضدا، قال ابن الجوزى : لقدد خلق من نطفة وهو مع ذلك يخاصم وينكر البعث، أفلا يستدل بأوله على آخره، وبأن من قدر على إيجاده أولا قادر على إعادته ثانيا ؟
[ والأنعام خلقها ] أى وخلق الأنعام لمصالحكم وهي الإبل والمعز والغنم
[ لكم فيها دفء ] أى لكم فيها ما تستدفئون به من البرد، مما تلبسون وتفترشون، من الأصواف والأوبار
[ ومنافع ومنها تأكلون ] أى ولكم فيها منافع عديدة من النسل، والدر، وركوب الظهر، ومن لحومها تأكلون، وهو من أعظم المنافع لكم
[ ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون ] أى ولكم في هذه الأنعام والمواشى زينة وجمال، حين رجوعها عشيا من المرعى، وحين غدوها صباحا لترعى، جمال الاستمتاع بمنظرها صحيحة سمينة فارهة
[ وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس ] أى وتحمل أحمالكم الثقيلة وأمتعتكم التى تعجزون عن حملها إلى بلد بعيد لم تكونوا لتصلوا إليه إلا بجهد ومشقة
[ إن ربكم لرءوف رحيم ] أى إن ربكم أيها الناس الذي سخر لكم هذه الأنعام، لعظيمُ الرأفة والرحمة بكم
[ والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ] أى وخلق الخيل والبغال والحمير للحمل والركوب، وهي كذلك زينة وجمال
[ ويخلق ما لا تعلمون ] أى وبخلق في المستقبل ما لا تعلمونه الآن كوسائل النقل الحديث : القاطرات، والسيارات، والطائرات النفاثة وغيرها مما يجد به الزمان وهو من تعليم الله للإنسان (( قال في الظلال :" لقد جدت وسائل للحمل والركوب لم يكن يعلمها أهل الزمان، والقرآن يهىء لها القلوب والأذهان، بلا جحود ولا تحجر ﴿ويخلق ما لا تعلمون ﴾ حتى لا يقول الناس : انما استخدم آباؤنا الخيل والبغال والحمير فلا نستخدم سواها، ولهذا هيأ القرآن الأذهان والقلوب، لاستقبال ما يتمخض عنه العلم ويتمخض عنه المستقبل " ))
[ وعلى الله قصد السبيل ] أى وعلى الله جل وعلا بيانُ الطريق المستقيم، الموصلِ لمن يسلكه إلى جنات النعيم
[ ومنها جائر ] أى ومن هذه السبيل طريق مائل عن الحق منحرف عنه، لا يوصل سالكه إلى الله وهو طريق الضلال، كاليهودية، والنصرانية، والمجوسية
[ ولو شاء لهداكم أجمعين ] أى لو شاء أن يهديكم إلى الإيمان لهداكم جميعا، ولكنً حكمته تعالى اقتضت، ان يدع للإنسان حرية الاختيار [ فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ] عليه الثواب والعقاب.. ولما ذكر تعالى ما أنعم به عليهم من الأنعام، شرع في ذكر سائر النعم العظام، وآياته المنبثة في الكائنات، فقال سبحانه :
[ هو الذى أنزل من السماء ماء ] أى أنزل المطر بقدرته الباهرة من السحاب
[ لكم منه شراب ] أى أنزله عذبا فراتا لتشربوه فتسكن حرارة العطش
[ ومنه شجر فيه تسيمون ] أى وأخرج لكم منه شجرا، ترعَون فيه أنعامكم
[ ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ] أى يخرجها من الأرض بهذا الماء الواحد، على اختلاف صنوفها وطعومها وألوانها
[ ومن كل الثمرات ] أى ومن كل الفواكه والثمار، يخرج لكم أطأىب الطعام