[ والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ] أى والذين يعبدونهم من دون الله، كالأوثان والأصنام، لا يقدرون على خلق شيء اْصلا، والحال أنهم مخلوقون، صنعهم البشر بأىديهم، فكيف يكونون آَلهة تعبد من دون الله ؟
[ أموات غير أحياء ] أى وتلك الأصنام أمواتَ لا أرواح فيها، لا تسمع ولا تبصر، لأنها جمادات لا حياة فيها، فكيف تعبدونها وأنتم افضل منها لما فيكم من الحياة ؟
[ وما يشعرون أيان يبعثون ] أى ما تشعر هذه الأصنام متى يبعث عابدوها، وفيه تهكم بالمشركين لأنهم عبدوا جمادا لا يحس ولا يشعر
[ إلهكم إله واحد ] أى إلهكم المستحق للعبادة إله واحد لا شريك له
[ فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة ] أى فالذين لا يصدقون بالبعث والجزاء، قلوبهم تنكر وحدانية الله عز وجل
[ وهم مستكبرون ] أى متكبرون متعظمون عن قبول الحق، بعدما سطعت دلائله
[ لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون ] أى حقا إن الله تعالى لا تخفى عليه خافية من أحوالهم يعلم ما يخفون وما يظهرون
[ إنه لا يحب المستكبرين ] أى المتكبرين عن التوحيد والإيمان
[ وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم ] أى إذا سئل هؤلاء الجاحدون : أى شيء أنزل ربكم على رسوله (ص)
[ قالوا أساطير الأولين ] أى قالوا على سبيل الاستهزاء : ما أنزله هو خرافات وأباطيل الأمم السابقين، ليس بكلام رب العالمين، كان المشركون يجلسون على مداخل مكة، يُنفرون عن رسول الله (ص) إذا سألهم وفود الحاج : ماذا أنزل الله على محمد ؟ قالوا : أباطيل وأحاديث الأولين
[ ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ] أى قالوا : ذلك البهتان، ليحملوا ذنوبهم كاملة يوم القيامة، من غير أن يُكفر منها شيء
[ ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ] أى وليحملوا ذنوب الأتباع الذين أضلوهم بغير دليلٍ أو برهان، فقد كانوا رؤساء أشقياء، يُقتدى بهم في الضلالة ولذلك حملوا أوزارهم وأوزار من أضلوهم
[ ألا ساء ما يزرون ] ألا للتنبيه أى فانتبهوا أيها القوم، بئس الحمل الذي حملوه على ظهورهم ! والمقصودُ المبالغة في الزجر
[ قد مكر الذين من قبلهم ] أى مكر المجرمون بأنبيائهم وأرادوا إطفاء نور الله، من قبل كفار مكة عَبَدة الأوثان، وهذا تسلية له (ص)
[ فأتى الله بنيانهم من القواعد ] أى قلع بنيانهم من قواعده وأسسه، ورد كيدهم في نحوهم، وهو تمثيل لإفساد ما أبرمره من المكر بالرسل
[ فخر عليهم السقف من فوقهم ] أى فسقط عليهم سقف بنيانهم، فتهدم البناء وماتوا
[ وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ] أى جاءهم الهلاك والدمار، من حيث لا يخطر على بالهم، والآية مشهد كامل للدمار والهلاك، وللسخرية من مكر الماكرين، وتدبير المدبرين، الذين يقفون لدعوة الله بالمرصاد، ويحسبون مكرهم لا يُرد، وتدبيرهم لا يخيب، والله من ورائهم محيط
[ ثم يوم القيامة يخزيهم ] أى يفضحهم بالعذاب، ويذلهم ويهينهم
[ ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم ] أى يقول تعالى لهم على سبيل التقريع والتوبيخ : أى أن هؤلاء الشركاء ؟ الذين كنتم تخاصمون وتعادون من أجلهم الأنبياء ؟ احضروهم ليشفعوا لكم، والأسلوب أسلوبُ استهزاء وتهكم
[ قال الذين أوتوا العلم إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين ] أى يقول الدعاة والعلماء، شماتة بأولئك الأشقياء : إن الذل والهوان والعذاب محيط اليوم بمن كفر بالله
[ الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ] أى الذين تقبض الملائكة أرواحهم الخبيثة، ظالمي أنفسهم بالكفر والإشراك بالله
[ فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء ] أى استسلموا وانقادوا عند الموت، على خلاف عادتهم في الدنيا، من العناد والمكابرة، وقالوا : ما أشركنا ولا عصينا، كما يقولون يوم الحساب [ والله ربنا ما كنا مشركين ]


الصفحة التالية
Icon