[ ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون ] أى هنيئا لكم الجنة بما قدمتم في الدنيا من صالح الأعمال
[ هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك ] عاد الكلام إلى تقريع المشركين، والمعنى : ما ينتظر هؤلاء إلا أحد أمرين : إما نزول الموت بهم، أو حلول العذاب العاجل
[ كذلك فعل الذين من قبلهم ] أى كذلك صنع من قبلهم من المجرمين، حتى حلً بهم العذاب
[ وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ] أى ما ظلمهم الله بتعذيبهم وإهلاكهم، ولكنْ ظلموا أنفسهم بالشرك والمعاصى
[ فأصابهم سيئات ما عملوا ] أى أصابهم عقوبات كفرهم، وجزاء أعمالهم الخبيثة
[ وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ] أى أحاط ونزل بهم جزاء استهزائهم، وهو العذاب الأليم في دركات الجحيم
[ وقال الذين أشركوا ] أى قال أهل الكفر والإشراك وهم كفار قريش
[ لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء ] أى لو شاء الله ما عبدنا الأصنام، لا نحن ولا آباؤنا، ولا حرمنا ما حرمنا من البحائر والسوائب وغيرها، قالوا هذا على سبيل الاستهزاء، لا على سبيل الاعتقاد، وغرضمهم أن إشراكهم، وتحريمهم لبعض الذبائح والأطعمة، واقع بمشيئة الله، فالله إذا راض به وهو حق وصواب (( قال في الظلال :" وهذه مقولة جديدة من مقولات المشركين فى علة إشراكهم بالله، فقد أحالوا إشراكهم وتحريمهم لبعض الذبائح والأطعمة، علي إرادة الله ومشيئته، فلو شاء الله - في زعمهم - ألا يفعلوا شيئأ من هذا لمنعهم من فعله.. وهذا وهم وخطأ في فهم معنى المشيئة الإلهية، فالله سبحانه لا يريد لعباده الشرك، ولا يرضى لهم أن يحرموا ما أحله لهم من الطيبات، وإرادته هذه ظاهرة منصوص عليها في شرائعه على ألسنة الرسل الذين كلفوا بالتبليغ، ولهذا قال تعالى بعده :﴿ولقد بعثنا في كل أمة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ﴾ فهذا أمره، وهذه إرادته لعباده، وقد شاءت إرادة الخالق الحكيم ان يخلق البشر باستعداد للهدى والضلال، وأن يدع لهم مشيئة الاختيار " ))
[ كذلك فعل الذين من قبلهم ] أى مثل هذا التكذيب والاستهزاء، فعل من قبلهم من المجرمين، واحتجوا مثل احتجاجهم الباطل، وتناسوا كسبهم لكفرهم ومعاصيهم، بمحض اختيارهم، بعد ان أنذرتهم رسلهم عذاب النار، وغضب الجبار
[ فهل على الرسل إلا البلاغ المبين ] أى ليس على الرسل إلا التبليغ، وأما أمر الهداية والإيمان، فهوإلى الله جل وعلا
[ ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ] أى أرسلنا الرسل إلى جميع الخلق، بأن اعبدوا الله ووحدوه، واتركوا كل معبود دون الله، كالشيطان والكاهن والصنم، وكل من دعا إلى الضلال
[ فمنهم من هدى الله ] أى فمنهم من أرشده الله إلى عبادته ودينه فآمن
[ ومنهم من حقًت عليه الضلالة ] أى ومنهم من وجبت له الشقاوة والضلالة فكفر، أخبرَ تعالى أنه أرسل الرسل، لتبليغ الناس دعوة الله، فمنهم من استجاب فهداه الله، ومنهم من كفر فأضله الله
[ فسيروا في الأرض فأنظروا كيف كان عاقبة المكذبين ] أى سيروا يا معشر قريش في أكناف الأرض، ثم أنظروا ماذا حل بالأمم المكذبين لعلكم تعتبرون !
[ إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل ] الخطاب للرسول، أى إن تحرص يا محمد على هدآية هؤلاء الكفار، فاعلم أنه تعالى لا يخلق الهداية جبرا وقسراً، فيمن يرغب الضلالة بسوء اختياره
[ وما لهم من ناصرين ] أى ليس لهم من ينقذهم من عذابه تعالى


الصفحة التالية
Icon