[ وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت ] أى حلف المشركون جاهدين في أيمانهم، مبالغين في تغليظ اليمين، بأن الله لا يبعث من يموت، استبعدوا البعث ورأوه أمرا عسيرا بعد البِلى وتفرق الأشلاء والذرات، قال تعالى ردا عليهم
[ بلى وعدا عليه حقا ] أى بلى ليبعثنهم، وعد بذلك وعدا قاطعاً لابد منه
[ ولكن أكثر الناس لا يعلمون ] أى ولكن أكثرهم لا يعلمون قدرة الله، فينكرون البعث والنشور
[ ليبين لهم الذي يختلفون فيه ] أى سيبعثهم ليكشف ضلالهم في إنكارهم البعث، وليظهر لهم الحق فيما اختلفوا فيه، وليحقق العدل، وهو التمييز بين (المطيع ) و(العاصي )، وبين المحق والمبطل، وبين الظالم والمظلوم
[ وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين ] أى وليعلم الجاحدون للبعث، والمكذبون لوعد الله الحق أنهم كانوا كاذبين فيما يقولون :
[ إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ] أى لا يحتاج الأمر إلى كبير جهد وعناء، فإنا نقول للشيء كن فيكون
[ والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا ] أى تركوا الأوطان والأهل والقرابة، في شأن الله وابتغاء رضوانه، من بعد ما عذبوا في الله، قال القرطبي : هم صهيب، وبلال، وخباب، وعمار، عذبهم أهل مكة حتى قالوا لهم ما أرادوا، فلما خلوهم هاجروا إلى المدينة
[ لنبوئنهم في الدنيا حسنة ] أى لنسكننهم دارا حسنة، خيرا مما فقدوا، قال ابن عباس : بوأهم الله المدينة المنورة فجعلها لهم دار هجرة
[ ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ] أى ثواب الآخرة أعظم وأكبر، لو كان الناس يعلمون حقيقة الأمر
[ الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون ] أى هم الذين صبروا على الشدائد والمكاره، فهجروا الأوطان، وفارقوا الإخوان، واعتمدوا على الله وحده، يبتغون آجره ومثوبته
[ وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم ] أى وما أرسلنا من قبلك يا محمد إلى الأمم الماضية، إلا بشرا نوحي إليهم كما أوحينا إليك، قال المفسرون : أنكر مشركو قريش نبوة محمد (ص) وقالوا : الله أعظم من أن يكون رسوله بشرا، فهلا بعث إلينا مَلَكا! ! فنزلت
[ فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون ] أى اسألوا يا معشر قريش، العلماءَ بالتوراة والإنجيل، يخبرونكم أن جميع الأنبياء كانوا بشرا إن كنتم لا تعلمون ذلك
[ بالبينات والزبر ] أى أرسلناهم بالحجج والبراهين الساطعة الدالة على صدقهم، وبالزبُر أى الكتب المقدسة
[ وأنزلنا إليك الذكر ] أى القرآن المذكر، الموقظ للقلوب الغافلة
[ لتبين للناس ما نزل إليهم ] أى لتعرف الناس الأحكام، والحلال والحرام
[ ولعلهم يتفكرون ] أى ولعلهم يتفكرون في هذا القرآن فيتعظون
[ أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض ] أى هل أمن هؤلاء الكفار، الذين مكروا برسول الله (ص) واحتالوا لقتله في (دار الندوة) هل آمنوا ان يخسف الله بهم الأرض كما فعل بقارون ؟
[ أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون ] أى يأتيهم العذاب بغتة في حال أمنهم واستقرارهم، من حيث لا يخطر ببالهم، ومن جهة لا يعلمون بها
[ أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين ] أى يهلكهم في أثناء أسفارهم للتجارة واشتغالهم بالبيع والشراء، فإنهم على أى حال لا يعجزون الله
[ أو يأخذهم على تخوف ] أى يهلكهم الله حال كونهم خائفين، مترقبين لنزول العذاب، قال ابن كثير : فإنه يكون أبلغ وأشد، فإن حصول ما يتوقع مع الخوف شديد
[ فإن ربكم لرءوف رحيم ] أى حيث لم يعاجلكم بالعقوبة
[ أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء ] أى أولم يعتبر هؤلاء الكافرون، ويروا آثار قدرة الله، وأنه ما من شيء من الجبال والأشجار والأحجار، ومن سائر ما خلق الله