[ يتفيؤا ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله ] أى تميل ظلالها من جانب إلى جانب، ساجدة لله سجود خضوع لمشيئته تعالى وانقياد، لا تخرج عن إرادته ومشيئته
[ وهم داخرون ] أى خاضعون صاغرون، فكل هذه الأشياء منقادة لقدرة الله وتدبيره، فكيف يتعالى ويتكبر على طاعته أولئك الكافرون ؟
[ ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون ] أى له تعالى وحده يخضع وينقاد، جميع المخلوقات بما فيهم الملائكة، فهم لا يستكبرون عن عبادته
[ يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون ] أى يخافون جلال الله وعظمته، ويمتثلون أوامره على الدوام.
البلاغة :
تضمنت الآيات الكريمة من وجوه البيان والبديع ما يلي :
١ - الإيجاز بالحذف [ قالوا خيرا ] أى قالوا أنزل خيرا.
٢ - الإطناب في قوله :[ ما عبدنا من دونه من شيء.. ولا حرمنا من دونه شيء ].
٣- الطباق في [ هدى الله.. وحقت عليه الضلالة ] وفي [ لا يهدى من يضل ] وفي [ اليمين والشمائل ].
٤ - صيغة المبالغة في [ لرءوف رحيم ] لأن فعول وفعيل من صيغ المبالغة.
٥ - ذكر الخاص بعد العام في [ يسجد ما في السموات وما في الأرض.. والملائكة ] زيادة في التعظيم والتكريم للملائكة الأطهار.
٦ - السجع البديع في [ يتنكرون، داخرون، يشعرون ].
فائدة :
استنبط بعض العلماء من قوله تعالى :[ وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا ] أن النبوة لا تكون إلا في الرجال، وأما النساء فليس فيهن نبئة، وهو استنباط دقيق.
تنبيه :
قال ابن تيمية في منهاج السنة :" والاحتجاج بالقدر حجة باطلة داحضة، باتفاق كل ذي عقل! ودين من جميع العالمين، ولهذا لما قال المشركون [ لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ] رد الله عليهم بقوله :[ قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ان تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون ] والمشركون يعلمون بفطرتهم وعقولهم أن هذه الحجة باطلة، فإن أحدهم لو ظلمه الآَخر، أو أراد قتل ولده، أو الزنى بزوجته، أو كان مصرا على الظلم فنهاه الناس عن ذلك، فقال : لو شاء الله لم أفعل هذا، لم يقبلوا منه هذه الحجة، ولا يقبلها هو من غيره، وإنما يحتج بها المحتج دفعاً للوم عن نفسه بلا وجه.
قال الله تعالى :[ وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين.. ] إلى قوله [ إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون ]. من آية (٥١) إلى نهاية آية (٧٤)
المناسبة :
لما ذكر تعالى أن كل ما في الكون منقاذ لأمر الله، خاضغ لسلطانه، أمر هنا بإفراده بالعبادة، لأنه الخالق الرازق، ثم ضرب الأمثال لضلالات أهل الجاهلية، وذكر الناس بنعمه الجليلة ليعبدوه ويشكروه.
اللغة :
[ واصبا ] دائما ولازما، قال الجوهري : وصبَ الشيء وصوباً أى دام ومنه [ ولهم عذاب واصب ] أى دائم وقال الشاعر :" وهزيم رعده واصب "
[ تجأرون ] الجوار : رفع الصوت بالدعاء والتضرع، يقال : جأر أى صاح، قال الأعشى يصف بقرة : فطافت ثلاثا بينَ يوم وليلة وكانَ النكيرُ أن تطيف وتجأَرا،
[ كظيم ] ممتلىء غما وغيظا، والكظم أن يطبق الفم فلا يتكلم من الغيظ
[ يتوارى ] يختفي
[ هون ] هَوانٍ وذُل
[ فرث ] الفرث : الزبل الذي ينزل إلى الكَرش او المعى
[ سائغا ] لذيذا هيناً لا يغص به من شربه
[ ذللا ] جمع ذلول وهو المنقاد المسخًر بلا عناء
[ حفدة ] الحفدة : قال الأزهري أولاد الأولاد، والحفدة : الخدم والأعوا ن.
التفسير :
[ وقال الله لا تتخدوا إلهين اثنين ] أى لا تعبدوا إلهين إثنين، فإن الإله الحق لا يتعدد
[ إنما هو إله واحد ] أى إلهكم إله واحد، لا شريك له ولا نظير
[ فإياى فارهبون ] أى خافون دون سوأى
[ وله ما في السموات والأرض ] أى له جل وعلا جميع ما في الكون، ملكى وخلقا وعبيدا