[ وله الدين واصبا ] أى له الطاعة والانقياد، واجبا ثابتا دائما فهو الإله الحق، وله الطاعة خالصة
[ أفغيرالله تتقون ] الهمزة للإنكار والتوبيخ أى كيف تتقون وتخافون غيره، ولا نفع ولا ضر إلا بيده ؟
[ وما بكم من نعمة فمن الله ] أى ما تفضل عليكم أيها الناس، من رزق ونعمة وعافية، فمن فضلِ الله وإِحسانه وحده
[ ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون ] أى ثم إذا أصابكم الضرُ من فقر ومرض وبأساء، فإليه وحده ترفعون أصواتكم بالدعاء، والغرض أنكم تلجأون إليه وحده ساعة العسرة والضيق، ولا تتوجهون إلى الشركاء ! !
[ ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون ] أى إذا رفع عنكم البلاء، رجع فريق منكم إلى الإشراك بالله، قال القرطبي : ومعنى الكلام التعجيبُ من الإشراك بعد النجاة من الهلاك
[ ليكفروا بما آتيناهم ] أى ليجحدوا نعمته تعالى، من كشف الضر والبلاء
[ فتمتعوا فسوف تعلمون ] أى تمتعوا بدار الفناء فسوف تعلمون عاقبة أمركم، وما ينزل بكم من العذاب ! ! وهو أمر للتهديد والوعيد
[ ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم ] أى يجعلون للأصنام التي لا يعلمون ربوبيتها، ببرهان ولا بحجة (( وقيل معنى الآية : يجعلون لآلهتهم التي لا تعقل شيئا لأنها جماد نصيبا مما أعطاهم الله، فيكون الضمير في قوله ﴿لما لا يعلمون﴾ راجعا للأصنام لا للمشركين )) نصيبا من الزرع والأنعام، تقربا إليها
[ تالله لتسألن عما كنتم تفترون ] أى والله أيها المشركون لتُسألن عما كنتم تختلقونه من الكذب على الله، وهو سؤال توبيخ وتقريع
[ ويجعلون لله البنات ] أى ومن جهل هؤلاء المشركين وسفاهتهم، أن جعلوا الملائكة بنات الله، فنسبوا إلى الله البنات " وجعلوا لهم البنين
[ سبحانه ] أى تنزه الله وتعظم عن هذا الإفك والبهتان
[ ولهم ما يشتهون ] أى ويجعلون لأنفسهم ما يشتهونه من البنين، مع كراهتهم للإناث، حيث كانوا يأنفون من البنات
[ وإذا بشر أحدهم بالأنثى ] أى إذا أُخبر أحدهم بولادة بنت
[ ظل وجهه مسوداً ] أى صار وجهه متغيرا من الندم والحزن، قال القرطبي : وهو كنآية عن الندم والحزن وليس يريد السواد، والعربُ تقول لكل من لقي مكروها قد اسود وجهه
[ وهو كظيم ] أى مملوء غيظا وغما
[ يتوارى من القوم من سوء ما بشر به ] أى يختفي من قومه خوفا من العار، الذي يلحقه بسبب البنت، كأنها بلية وليست هبة إلهية، ثم يفكر فيما يصنع
[ أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ] أى أيمسك هذه الأنثى على ذل وهوان ؟ أم يدفنها في التراب حية ؟
[ ألا ساء ما يحكمون ] أى ساء صنيعهم وساء حكمهم، حيث نسبوا لخالقهم البنات -وهي عندهم بتلك الدرجة من الذل والحقارة - وأضافوا البنين إليهم، تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا
[ للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ] أى لهؤلاء الذين لم يصدقوا بالآخرة، ونسبوا لله البنات سفهاً وجهلا، صفةُ السوء القبيحة التي هي كالمثل في القبح، فالنقصُ إنما ينسب إليهم لا إلى الله
[ ولله المثل الأعلى ] أى له جل وعلا الوصف العالي الشأن، والكمال المطلق، والتنزه عن صفات المخلوقين
[ وهو العزيز الحكيم ] أى العزيزُ في ملكه، الحكيمُ في تدبيره.. ثم أخبر تعالى عن حلمه بالعباد مع ظلمهم فقال سبحانه :
[ ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ] أى لو يؤاخذهم بكفرهم ومعاصيهم ويعاجلهم بالعقوبة
[ ما ترك عليها من دابة ] أى ما ترك على الأرض أحدأ يدب على ظهرها، من إنسان وحيوان
[ ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى ] أى ولكن يؤخرهم إلى وقت معيًن تقتضيه الحكمة
[ فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ] أى فإذا جاء الوقت المحدد لهلاكهم، لا يتأخرون برهة يسيرةً من الزمن ولا يتقدمون عليها كقوله :[ وجعلنا لمهلكهم موعدا ]


الصفحة التالية
Icon