[ وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى ] أى ينهى عن كل قبيح من قول أو فعل أو عمل، قال ابن مسعود : هذه أجمعُ آية فى القرآن لخير يمتثل، ولشر يُجتنب والفحشاءُ : كل ما تناهى قبحُه، كالزنى، والشرك، والمنكرُ : كل ما تنكره الفطرة، والبغيُ : هو الظلم وتجاوز الحق والعدل
[ يعظكم لعلكم تذكرون ] أى يؤدبكم بما شرع من الأمر والنهي، لتتعظوا بكلام خالقكم، ربً العزة والجلال ! !
البلاغة :
تضمنت الآيات الكريمة وجوها من وجوه البيان والبديع نوجزها فيما يلي :
١ - الاستعارة التمثيلية [ وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم.. ] الآية تمثيل للوثن بالرجل الأبكم الذى لا ينتفع منه بشيء أصلا، مع الإله القادر السميع البصير " وشتان بين الرب والصنم، ففيها (استعارة تمثيلية) بديعة.
٢ - التشبيه المرسل المجمل في [ كلمح البصر ] أى في المجيء والسرعة.
٣ - الطبا ق بين [ سرا وجهرا ] وبين [ يهرفون.. وينكرون ] وبين [ ظعنكم.. وإقامتكم ].
٤ - الإيجاز بالحذف في [ سرابيل تقيكم الحر ] أى والبرد، حُذِف الثاني استثناء بذكر الأول.
٥ - المقابلة اللطيفة [ ان الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ] أمر بثلاثة ونهى عن ثلاثة، وهو من المحسنات البديعية.
٦ - ذكر الخاص بعد العام للإهتمام بشأنه [ وإيتاء ذي القربى ] بعد لفظ الإحسان الذي هو عام، للتنبيه على أهمية الأمر.
لطيفة :
ذكر ان " أكثم بن صيفي " لما بلغه خبر الرسول (ص) انتدب رجلين فأتياه فقالا : من أنت ؟ وما أنت ؟ فقال : أنا محمد بن عبد الله، وأنا رسول الله، ثم تلا عليهما هذه الآية [ ان الله يأمر بالعدل والإحسان.. ] الآية فرجعا إلى أكثم فلما قرءا عليه الآية قال : إني أراه يأمر بمكارم الأخلاق، وينهى عن مساوئها، فكونوا في هذا الأمر رءوسا، ولا تكونوا فيه أذنابا.
قال تعالى :[ وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم.. ] إلى قوله [ إن ربك من بعدها لغفور رحيم ]. من آية (٩١) إلى نهاية آية (١١٠)
المناسبة :
لما بالغ تعالى فى الوعد والوعيد، والترغيب والترهيب، وذكر جملة من المكارم والفضائل، حذًر تعالى بعدها من نقض العهود والمواثيق، وعصيان أوامر الله تعالى، لأن العصيان سبب البلاء والحرمان، ثم ذكر تعالى ما أعده لأهل الإيمان من الحياة الطيبة الكريمة في جنات الخلد والنعيم.
اللغه :
[ تنقضوا ] النقض ضد الإبرام، وهو فك أجزاء الشيء بعضها من بعض
[ توكيدها ] التوكيد التثبيتُ يقال : توكيد وتأكيد
[ أنكاثا ] أنقاضا والنكث : النقض بعد القتل
[ دخلا ] الدخل : الدغل والخديعة والغش، قال ابن عبيدة : كل أمر لم يكن صحيحا فهو دخَل
[ ينفد ] نفد الشيء ينفد فني
[ أعجمى ] الأعجمي الذي لا يتكلم العربية وقال الفراء : الأعجمي الذي في لسانه عجمة وإن كان من العرب، والعجمي الذي أصله من العجم
[ يلحدون ] الإلحاد : الميل يقال لحد وألحد، إذا مال عن القصد والاستقامة.
سبب النزول :
١ - روى أن النبي (ص) كان يجلس عند المروة إلى غلام نصراني يقال له (جبر) وكان يقرأ الكتب، فقال المشركون : والله ما يعلمه ما يأتي به إلا (جبر الرومي ) فأنزل الله عز وجل [ ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر.. ] الآية.