[ إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله ] أى إن الذين لا يصدقون بهذا القرآن لا يوفقهم الله لاصابة الحق، ولا يهديهم إلى طريق النجاة والسعادة
[ ولهم عذاب أليم ] أى لهم في الآخرة عذاب موجع مؤلم، وهذا تهديد لهم ووعيد على كفرهم وإفترائهم
[ إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله ] أى لا يكذب على الله إلا من لم يؤمن بالله ولا بآياته، لأنه لا يخاف عقاباً يردعه، فالكذب جريمة فاحشة لا يقدم عليها مؤمن، وهذا رد لقولهم :[ إنما أنت مفتر ] أى كاذب
[ وأولئك هم الكاذبون ] أى وأولئك هم الكاذبون على الحقيقة، لا محمد (ص) الرسول الأمين
[ من كفر بالله من بعد إيمانه ] أى : من تلفظ بكلمة الكفر، وارتد عن الدين بعد ما دخل فيه
[ إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ] أى لكن من تلفظ بكلمة الكفر مكرها، والحال أن قلبه مملوء إيمانا ويقينا، والآية تغليظ لجريمة المرتد، قال المفسرون : نزلت في (عمار بن ياسر) أخذه المشركون فعذبوه. حتى أعطاهم ما أرادوا مُنهرما، فقال الناس : إن عمارا كفر! ا فأتى عمار رسول الله (ص) وهو يبكي، فقال له رسول الله (ص) : كيف تجد قلبك ؟ قال : مطمنأ بالإمان قال : إن عادوا فعد. وعمار رضي الله عنه اختلط الإيمان بلحمه ودمه
[ ولكن من شرح بالكفر صدرا ] أى طابت نفسه بالكفر وانشرح صدره له
[ فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم ] أى ولهم غضب شديد مع عذاب جهنم، إذ لا جرم أعظم من جرمهم
[ ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة ] أى ذلك العذاب الشديد، بسبب أنهم آثروا الدنيا، واختاروها على الآخرة
[ وأن الله لا يهدي القوم الكافرين ] أى لا يوفقهم إلى الإيمانولا يعصمهم من الزيغ والضلال
[ أولئك الذين طبع على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم ] أى ختم على قلوبهم وأسماعهم وأبصارهم، فجعل عليها غلافا بحيث لا تذعن للحق، ولا تسمعه ولا تبصره
[ وأولئك هم الغافلون ] أى الكاملون فى الغفلة، إذ شغلتهم الدنيا عن تدبر العواقب
[ لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون ] أى لا شك ولا ريب فى أنهم الخاسرون في الآخرة، لأنهم ضيعوا أعمارهم في غير منفعة تعود عليهم، قال المفسرون : وصفهم تعالى بست صفات، هي :(الغضب من الله، والعذاب العظيم، واختيارهم الدنيا على الآخرة وحرمانهم من الهدى، والطبع على قلوبهم، وجعلهم من الغافلين
[ ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ] أى ثم إن ربك لا يا محمد، للذين هاجروا في سبيل الله، بعد ما فتنهم المشركون الطغاة عن دينهم بالعذاب
[ ثم جاهدوا وصبروا ] أى ثم جاهدوا في سبيل الله وصبروا على مشاق الجهاد
[ إن ربك من بعدها لغفور رحيم ] أى إن ربك بعد تلك الهجرة والجهاد، والصبر على العذاب والمشاق، سيغفر لهم ويرحمهم، لأنهم مؤمنون، مجاهدون، صابرون " يستحقون الرحمة والمغفرة !
البلاغة :
تضمنت الآيات الكريمة من وجوه البيان والبديع ما يلى :
١ - التشبيه التمثيلي [ ولا تكونوا كالتى نقضت غزلها ] الآية شبه تعالى من يحلف ثم لا يفى بعهده، بالمرأة التي تغزل غزلا ثم تنقضه وهي حماقة واضحة.
٢ - الاستعارة في [ فتزل قدم بعد ثبوتها ] استعار القدم للرسوخ فى الدين والتمكن فيه، لأن أصل الثبات يكون بالقدم، ولما كان الزلل عن محجة الحق يشبه زلل القدم وانزلاقها، عبربه عن الانزلاق الحسى بطريق الاستعارة.
٣-الطباق بين [ يضل من يشاء ويهدى من يشاء ] وبين [ أعجمى وعربى ] وبين [ ينفد وباق ].
٤ - جناس الاشتقاق [ قرأت القرآن ] وفيه مجاز مرسل من إطلاق اسم المسبب على السبب أى إذا أردت قراءة القرآن.