٥ - الاعترأض [ والله أعلم بما ينزل ] الجملة اعتراضية لبيان الحكمة الإلهية في النسخ، وفيه التفات من المتكلم إلى الغائب، وذكر الاسم الجليل لتربية المهابة في النفس.
٦ - الاستعارة اللطيفة [ لسان الذي يلحدون إليه أعجمي ] استعار اللسان للغة والكلام، كقول الشاعر : لسانُ السوء تهديها إلينا وخُنت وما حسبتُك أن تخونا، والعرب تستعمل اللسان بمعنى اللغة، كقوله تعالى :[ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ].
لطيفة :
السر في الاستعاذة قبل قراءة القرآن، أن القرآن هو الذكر الحكيم، والحق المبين، ولما كان الشيطان يثير الشبهات بوساوسه، ويفسد القلوب بدسائسه، أُمر(ص) بأن يستعيذ بالله، ويلتجىء إليه عند تلاوة القرآن، لأن قوة الإنسان تضعف عن دفعه بسهولة، فيحتاج إلى الاستعانة بالله العلي الكبير.
قال الله تعالى :[ يوم تأتي كل نفس.. ] إلى قوله [ ان اللله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ]. من آية (١١١ ) إلى نهاية السورة الكريمة
المناسبة :
لما ذكر تعالى حال من كفر بلسانه، وحال من كفر بلسانه وجَنَانه، ذكر هنا الجزاء العادل الذي يلقاه كل إنسان في الآخرة وما أعده. الله من العقاب العاجل في الدنيا لبعض المكذبين، ثم ذكر قصة إبراهيم الأواه المنيب، وأمر الرسول (ص) باقتفاء آثاره المجيدة، فهو أب الأنبياء، وإمام الحنفاء.
اللغه :
[ تجادل ] تخاصم وتُحَاج
[ رغدا ] واسعا هنيئا بلا كلفة ولا تعب
[ أنعم ] جمع نعمة كالأشد جمع الشدة
[ أمة ] إماما جامعا لخصال الخير
[ قانتاأ ] مطيعا خاضعا، من القنوت وهو الطاعة والخضوع
[ اجتباه ] اصطفاه واختاره
[ حنيفا ] الحنيف : المائل عن الأديان الباطلة إلى دين الإسلام، من الحنف وهو الميل.
سبب النزول :
لما قُتل حمزة ومثل به المشركون في غزوة أحد قال (ص)، حين رآه :" والله لأمثلن بسبعين منهم مكانك " فنزلت الآية الكريمة [ وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به. ] الآية.
التفسير :
[ يوم تأتى كل نفس تجادل عن نفسها ] أى ذكرهم يوم القيامة، حين تخاصم كل نفس عن ذاتها، سعيا في خلاصها، لا يهمها شأن غيرها
[ وتوفى كل نفس ما عملت ] ان تُعطى جزاء ما عملت من غير بخس ولا نقصان
[ وهم لا يظلمون ] أى لا ينقصون أجورهم بل يعطونها كاملة وافية
[ وضرب الله مثلا قرية ] هذا مثل ضربه الله لأهل مكة وغيرهم، بقوم أنعم الله عليهم، فأبطرتهم النعمة فعصوا وتمردوا، فبدل الله نعمتهم بنقمة
[ كانت آمنة مطمئنة ] أى كان أهلها أمن واستقرار، وسعادة ونعيم
[ يأتيها رزقها رغدا من كل مكان ] أى تأتيها الخيرات والأرزاق، بسعة وكثرة من كل الجهات
[ فكفرت بأنعم الله ] أى لم يشكروا الله على ما أتاهم من خير، وما وهبهم من رزق
[ فأذاقها الله لباس الجوع والخوف ] أى سلبهم الله نعمة الأمن والاطمئنان، وأذاقهم الآم الخوف والجوع والحرمان
[ بما كانوا يصنعون ] أى بسبب كفرهم ومعاصيهم، قال الرازي : وهذا مثل أهل مكة، لأنهم كانوا في الأمن والطمأنينة والخِصب، ثم أنعم الله عليهم بالنعمة العظيمة، وهو محمد (ص)، فكفروا به، وبالغوا في إيذائه، فعذبهم الله بالقحط والجوع سبع سنين، حتى أكلوا الجيف والعظام
[ ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه ] أى ولقد جأءهم محمد بالآيات الباهرة، والمعجزات الظاهرة، وهو رسول منهم يعرفون أصله ونسبه، فلم يصدًقوه، ولم يؤمنوا برسالته، والآية دالة على أن المراد بهم أهل مكة، وهو قول ابن عباس :
[ فأخذهم العذاب وهم ظالمون ] أى فأصابتهم الشدائد والنكبات، وهم ظالمون بإرتكاب المعاصي والآثام
[ فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا ] أى كلوا من نِعَم الله التي أباحها لكم، حال كونها حلالا طيبا