[ واشكروا نعمة الله ان كنتم إياه تعبدون ] أى واشكروا الله على نعمه الجليلة، ان كنتم مخلصين في إيمانكم، لا تعبدون أحدا سواه.. ثم ذكر تعالى ما حرمه عليهم مما فيه مضرة لهم فقال :
[ إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ] أى لم يحرم ربكم عليكم أيها الناس، إلا ما فيه أذى لكم كالميتة، والدم، ولحم الخنزير
[ وما أهل لغير الله به ] أى وما ذبح على اسم غير الله تعالى، فإن فيه أذى للنفس والعقيدة
[ فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم ] أى فمن اضطر لأكل ما حرم الله من المذكورات، من غير بغي ولا عدوان، فإن الله واسع المغفرة عظيم الرحمة، لا يؤاخذ من كان مضطرا! ! ثم وبخ تعالى المشركين، الذين حللوا وحرموا من تلقاء أنفسهم فقال سبحانه :
[ ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام ] أى لا تقولوا أيها المشركون في شأن ما تصفه ألسنتكم من الكذب : هذا حلال وهذا حرام، من غير دليل! ولا برهان
[ لتفتروا على الله الكذب ] أى لتكذبوا على الله بنسبة ذلك إليه
[ إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون ] أى إن الذين يختلقون الكذبَ على الله، لا يفوزون ولا يظفرون بمطلوبهم، لا في الدنيا ولا في الآخرة
[ متاع قليل ولهم عذاب أليم ] أى انتفاعهم واستمتاعهم في الدنيا قليل لأنه زائل، ولهم في الآخرة عذاب مؤلم، ثم ذكر تعالى ما حرم على اليهود فقال :
[ وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل ] أى وعلى اليهود خاصة، حرمنا عليهم ما قصصنا عليك يا محمد، مما سبق ذكره في سورة الأنعام عقوبةً لهم، وهي شحوم (البقر، والغنم، وكل ذي ظفر)
[ وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ] أى وما ظلمناهم بذلك التحريم، ولكن ظلموا أنفسهم فاستحقوا ذلك، كقوله تعالى :[ فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم ]
[ ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ] أى ثم إن ربك يا محمد للذين ارتكبوا تلك القبائح، بجهل وسفه
[ ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا ] أى لم رجعوا إلى ربهم وأنابوا، وأصلحوا العمل، بعد ذلك الزلل
[ إن ربك من بعدها لغفور رحيم ] أى إنه تعالى واسع المغفرة عظيم الرحمة، والآية تأنيس لجميع الناس، وفتح لباب التوبة أمام العصاة
[ إن إبراهيم كان أمة ] أى إنً إبراهيم كان إماما قدوةَ، جامعاَ لخصال الخير، ولذلك اختاره الله لخلته
[ قانتاً لله ] أى مطيعاً لربه قائما بأمره
[ حنيفا ] أى مائلا عن كل دين باطل، إلى الدين الحق، دين الإسلام
[ ولم يك من المشركين ] تأكيد لما سبق ورد على اليهود والنصارى في زعمهم أن إبراهيم كان يهوديا أو نصرانياَ
[ شاكرا لأنعمه ] أى قائما بشكر نعم الله
[ اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم ] أى اختاره واصطفاه للنبوة، وهداه إلى الإسلام، وإلى عبادة الواحد الديان
[ وآتيناه في الدنيا حسنة ] أى جعلنا له الذكر الجميل في الدنيا
[ وأنه في الآخرة لمن الصالحين ] أى وهو في الآخرة من أصحاب الدرجات الرفيعة، وفي أعلى مقامات الصالحين
[ ثم أوحينا إليك أن آتبع ملة إبراهيم حنيفا ] أى ثم أمرناك يا محمد باتباع دين إبراهيم، وملته الحنيفية السمحة،
[ وما كان من المشركين ] أى وما كان يهودياً أو نصرانياً، وإنما كان حنيفا مسلما، وهو تأكيد آخر لرد مزاعم اليهود والنصارى أنهم على دينه
[ إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه ] أى لم يكن تعظيم يوم السبت، وتركُ العمل فيه من شريعة إبراهيم، ولا من شعائر دينه، وانمأ جُعِل تغليظاً على اليهود، لإختلافهم في الدين وعصيانهم أمر الله، حيث نهاهم عن الاصطياد فيه، فاصطادوا فمسخهم الله قردة وخنازير