[ بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ] أى بل كذب هؤلاء المشركون بالقرآن العظيم، وسارعوا الى الطعن به، قبل ان يفقهوه ويتدبروا ما فيه، والناس دائما اعداء لما جهلوا
[ ولما يأتهم تأويله ] أى والحال لم يأتهم بعد عاقبة ما فيه من الوعيد
[ كذلك كذب الذين من قبلهم ] اي مثل تكذيب هؤلاء كذبت الامم الخالية قبلهم
[ فانظر كيف كان عاقبة الظالمين ] أى فانظر يا محمد كيف اخذهم الله بالعذاب والهلاك بسبب ظلمهم وبغيهم، فكما فعل بأولئك يفعل بهؤلاء الظالمين الطاغين.
البلاغة :
١ - [ أسرع مكرا ] تسمية عقوبة الله (مكرا) من باب ا المشاكلة، وهي الاتفاق في اللفظ مع الاختلاف في المعنى، فالمكر من الله هو ابطال ما دبروه.
٢ - [ وجرين بهم ] فيه التفات من الخطاب الى الغيبة وحكمته زيادة التقبيح والتشنيع على الكفار لعدم شكرهم النعمة.
٣ - [ أخذت الارض زخرفها ] هذا من (بديع الاستعارة) شبه الارض حينما تتزين بالنبات والازهار، بالعروس التي تتزين بالحلي والثياب، واستعير لتلك البهجة والنضارة لفظ الزخرف.
٤ - [ أتاها أمرنا ] الامر ههنا كناية عن العذاب والدمار.
٥ - [ أحسنوا الحسنى ] بينهما جناس الاشتقاق.
٦ - [ كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل ] فيه تشبيه مرسل مجمل.
٧ - [ يبدأ.. ثم يعيده ] بينهما طباق وهو من المحسنات البديعية.
٨ - [ فأنى تؤفكون ] الاستفهام للتوبيخ، ومثله [ فما لكم كيف تحكمون ] ؟.
٩ - [ بين يديه ] استعارة لطيفة والمراد لما سبقه من التوراة والانجيل فإنها قد بشرت به.
لطيفة :
يقول شهيد الاسلام " سيد قطب " في تفسيره الظلال :" ما يزال البشر يكشفون كلما اهتدوا الى نواميس الكون عن رزق بعد رزق، في السماء والارض، يستخدمونه احيانا في الخير، ويستخدمونه احيانا في الشر، حسبما تسلم عقائدهم او تعتل، وكله من رزق الله المسخر للانسان، فمن سطح الارض ارزاق، ومن جوفها ارزاق، ومن سطح الماء ارزاق، ومن اعماقه ارزاق، ومن اشعة الشمس ارزاق، ومن ضوء القمر ارزاق، حتى عفن الارض كشف فيه العلم عن دواء وترياق ) وصدق الله [ قل من يرزقكم من السماء والأرض ] ؟.
قال الله تعالى :[ ومنهم من يؤمن ومنهم من لا يؤمن به.. الى.. العذاب الشديد بما كانوا يكفرون ] من آية ( ٤٠ ) الى نهاية آية ( ٧٠).
المناسبة :
لما حكى تعالى عن الكافرين طعنهم في امر النبوة والوحي، ذكر هنا ان منهم من يصدق بأن القرآن كلام الرحمن، ولكنه يكابر ويعاند، ومنهم من لا يصدق به اصلا لفرط غباوته، وسخافة عقله، واختلال تمييزه.. ثم ذكر تعالى ان القرآن شفاء لما في الصدور، واعقبه بذكر مآل المشركين في الآخرة.
اللغة :
[ الصم ] جمع أصم وهو الذي لا يسمع
[ بياتا ] ليلا
[ تفيضون ] يقال أفاض فلان في الحديث اذا اندفع فيه
[ يعزب ] يخفى ويغيب
[ مثقال ] وزن
[ سلطان ] حجة وبرهان
[ سبحانه ] تنزيه لله جل وعلا عن النقائص.
التفسير :
[ ومنهم من يؤمن به ] أى ومن هؤلاء الذين بعثت اليهم يا ايها الرسول من يؤمن بهذا القرآن، ويتبعك وينتفع بما ارسلت به
[ ومنهم من لا يؤمن به ] بل يموت على ذلك ويبعث عليه
[ وربك أعلم بالمفسدين ] أى وهو اعلم بمن يستحق الهداية فيهديه، ومن يستحق الضلالة فيضله
[ وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم ] أى وإن كذبك هؤلاء المشركون فقل لي جزاء عملي، ولكم جزاء عملكم، حقا كان او باطلا
[ أنتم بريئون مما أعمل وانا بريء مما تعملون ] أى لا يؤاخذ احد بذنب الآخر
[ ومنهم من يستمعون إليك ] أى يستمعون اليك اذا قرأت القرآن، وقلوبهم لا تعى شيئا مما تقرؤه وتتلوه
[ أفانت تسمع الصم ] ؟ أى أنت يا محمد لا تقدر ان تسمع من سلبه الله السمع


الصفحة التالية
Icon