[ ولو كانوا لا يعقلون ] أى ولو كانوا مع صممهم لا يعقلون ولا يتدبرون ؟ قال ابن كثير : المعنى ومن هؤلاء من يسمعون كلامك الحسن، والقرآن النافع، ولكن ليس أمر هدايتهم اليك، فكما لا تقدر على اسماع الأصم، فكذلك لا تقدر على هداية هؤلاء الا ان يشاء الله
[ ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون ] أى ومن هؤلاء من ينظر اليك ويعاين دلائل نبوتك الواضحة، ولكنهم عمى لا ينتفعون بما رأوا، أفأنت يا محمد تقدر على هدايتهم ولو كانوا عمي القلوب ؟ شبههم بالعمي لتعاميهم عن الحق، قال القرطبي : والمراد تسلية النبي، أى كما لا تقدر ان تخلق للأعمى بصرا يهتدي به، فكذلك لا تقدر ان توفق هؤلاء للايمان
[ إن الله لا يظلم الناس شيئا ] أى لا يعاقب أحدا بدون ذنب، ولا يفعل بخلقه ما لا يستحقون
[ ولكن الناس أنفسهم يظلمون ] أى ولكنهم يظلمون انفسهم بالكفر والمعاصي ومخالفة امر الله، قال الطبري : وهذا اعلام من الله تعالى بأنه لم يسلب هؤلاء الايمان ابتداء منه، بغير جرم سلف منهم، وانما سلبهم ذلك لذنوب اكتسبوها، فحق عليهم ان يطبع الله على قلوبهم
[ ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار ] أى اذكر يوم نجمع هؤلاء المشركين للحساب، كأنهم ما اقاموا في الدنيا الا ساعة من النهار، لهول ما يرون من الاهوال
[ يتعارفون بينهم ] أى يعرف بعضهم بعضا كما كانوا في الدنيا، وهو تعارف توبيخ وافتضاح، يقول الواحد للآخر : أنت أغويتني وأضللتني ! ! وليس تعارف محبة ومودة
[ قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين ] أى لقد خسر حقا هؤلاء الظالمون الذين كذبوا بالبعث والنشور، وما كانوا موفقين للخير في الحياة
[ وإما نرينك بعض الذى نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ] أى ان اريناك يا محمد بعض عذابهم في الدنيا، لتقر عينك منهم فذاك، وان توفيناك قبل ذلك فمرجعهم الينا في الآخرة، ولا بد من الجزاء ان عاجلا او اجلا
[ ثم الله شهيد على ما يفعلون ] أى هو سبحانه شاهد على افعالهم واجرامهم ومجازيهم على ما اقترفوا
[ ولكل امة رسول ] أى ولكل امة من الامم رسول ارسل لهدايتهم
[ فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط ] قال مجاهد : يعني يوم القيامة قضي بينهم بالعدل، قال ابن كثير : فكل امة تعرض على الله بحضرة رسولها، وكتاب اعمالها من خير وشر، شاهد عليها، وحفظتهم من الملائكة شهود ايضا
[ وهم لا يظلمون ] أى لا يعذبون بغير ذنب
[ ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ] أى ويقول كفار مكة متى هذا العذاب الذى تعدنا به ان كنت صادقاً ؟ وهذا القول منهم على سبيل السخرية والاستهزاء
[ قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعآ ] أي لا أستطيع أن أدفع عن نفسي ضرا، ولا اجلب اليها نفعا، وليس ذلك لي ولا لغيري
[ إلا ما شاء الله ] أي إلا ما شاء الله أن أملكه وأقدر عليه، فكيف أقدر أن املك ما استعجلتم به من العذاب !
[ لكل أمة أجل ] أي لكل أمة وقتْ معلوم لهلاكهم وعذابهم
[ إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعةً ولا يستقدمون ] اي فإذا جاء أجل هلاكهم فلا يمكنهم ان يستأخروا عنه ساعة فيمهلون ويؤخرون، ولا يستقدمون قبل ذلك لأن قضاء الله واقع في حينه
[ قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ] أي قل لأولئك المكذبين أخبروني إن جاءكم عذاب الله ليلا او نهارا، فما ينفعكم استعجالكم به ؟
[ ماذا يستعجل منه المجرمون ] استفهام معناه التهويل والتعظيم أي ما أعظم ما تستعجلون به ؟ كما يقال لمن يطلب امرا وخيما : ماذا تجني على نفسك ؟