[ أَثم إذا ما وقع آمنتم به ] في الكلام حذفَ تقديره : أتؤخرون إلى ان تؤمنوا به، وإذا وقع العذاب وعاينتموه فما فائدة الإيمان وما نفعكم فيه ؟ إذا كان الايمان لا ينفع حينذاك ؟ قال الطبري : المعنى إهنالك إذا وقع عذاب الله بكم ايها المشركون صدقتم به في حال لا ينفعكم فيه التصديق
[ الآن وقد كنتم به تستعجلون ] أي يقال لكم أيها المجرمون : الآن تؤمنون وقد كنتم قبله تهزءون وتسخرون ؟ وتستعجلون نزول العذاب ؟
[ ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد ] اي ذوقوا العذاب الدائم، الذي لا زوال له ولا فناء
[ هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون ] أي هل تُجزون إلا جزاء كفركم وتكذيبكم ؟
[ ويستنبئونك أحق هو ] أي ويستخبرونك يا محمد فيقولون : أحق ما وعدتنا به من العذاب والبعث ؟
[ قل إي وربي إنه لحق ] أي قل نعم والله إنه كائن لا شك فيه
[ وما أنتم بمعجزين ] اي لستم بمعجزين الله بهرب أو امتناع من العذاب، بل أنتم في قبضته وسلطانه
[ ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض ] أي لو ان لكل نفس كافرة ما في الدنيا جميعا من خزائنها وأموالها، ومنافعها قاطبة
[ لافتدت به ] اي لدفعته فدية لها من عذاب الله، ولكن هيهات أن تقبل، كما قال تعالى [ فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به ] ثم قال تعالى مخبرا عن أسفهم وندمهم
[ وأسروا الندامة لما رأوا العذاب ] أي اخفى هؤلاء الظلمة الندم، لما عاينوا العذاب، قال الإمام الجلال : أي أخفاها رؤساؤهم عن الضعفاء الذين أضلوهم مخافة التعيير (( وقال في البحر : واخفاء الندامة هو من كونهم بهتوا لرؤيتهم ما لم يحسبوه ولا خطر ببالهم، ومعاينتهم ما أوهى قواهم، فلم يطيقوا عند ذلك بكاء ولا صراخا، كما يعرض لمن يقدم للصلب لا يكاد ينبس بكلمة، ويبقى مبهوتا جامدا))
[ وقضي بينهم بالقسط ] أي قضي بين الخلائق بالعدل
[ وهم لا يظلمون ] اي لا يظلمون من أعمالهم شيئاً، ولا يُعاقبون إلا بجريرتهم
[ ألا ان لله ما في السموات والأرض ] " ألا " كلمة تنبيه للسامع تزاد في اول الكلام أي انتبهوا أيها الناس لما أقول لكم : فكل ما في السموات والارض ملك لله، لا شيء فيها لأحد سواه، هو الخالق وهو المالك
[ ألا إن وعد الله حق ] أى إن وعده بالبعث والجزاء حق كائن لا محالة
[ ولكن أكثرههم لا يعلمون ] ولكن أكثر الناس لقصور عقولهم، واستيلاء الغفلة عليهم، لا يعلمون ذلك فيقولون ما يقولون
[ هو يحيي ويميت وإليه ترجعون ] أي هو سبحانه المحيى والمميت، واليه مرجعكم في الآخرة، فيجازيكم بأعمالكم
[ يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم ] خطاب لجميع البشر اي قد جاءكم هذا القرآن العظيم، الذي هو موعظة لكم من خالقكم
[ وشفاء لما في الصدور ] أي يشفي ما فيها من الشك والجهل
[ وهدى ورحمة للمؤمنين ] أي وهداية من الضلال ورحمة لأهل الإِيمان، قال صاحب الكشاف : المعنى قد جاءكم كتاب جامع لهذه الفوائد العظيمة من الموعظة، والتنبيه على التوحيد، ودواء الصدور من العقائد الفاسدة، ودعاء إلى الحق، ورحمة لمن آمن به منكم
[ قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوآ ] قال ابن عباس : فضل الله القرآن، ورحمته الاِسلام والمعنى : ليفرحوا بهذا الذي جاءهم من الله، من القرآن والاِسلام، فإنه أولى ما يفرحون به
[ هو خير مما يجمعون ] اي هو خير مما يجمعون من حطام الدنيا وما فيها من الزهرة الفانية، والنعيم الزائل، فان الدنيا بما فيها لا تساوي جناح بعوضة، كما ورد به الحديث الشريف
[ قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق ] خطاب لكفار العرب، والمعنى : أخبروني ايها المشركون، عما خلقه الله لكم من الرزق الحلال