[ فجعلتم منه حراما وحلالا ] أي فحرمتم بعضه وحللتم بعضه كالبحيرة، والسائبة، والميتة، قال ابن عباس : نزلت إنكارا على المشركين فيما كانوا يحلْون ويحرمون من البحائر والسوائب، والحرث والأنعام
[ قل ءآلله أذنَ لكم أم على الله تفترون ] أي قل لهم يا محمد أخبروني : هل حَصَل لكم إذن من الله بالتحليل والتحريم، فأنتم فيه ممتثلون لأمره، أم هو مجرد افتراء وبهتان على ذي العزة والجلال ؟
[ وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة ] اي وما ظن هؤلاء الذين يتخرصون على آلله الكذب، فيحلون ويحرمون من تلقاء أنفسهم، أيحسبون أن الله يصفح عنهم ويغفر يوم القيامة ؟ كلا بل سيصليهم سعيرا، وهو وعيد شديد للمفترين
[ إن الله لذو فضل على الناس ] أي لذو إنعام عظيم على العباد حيث رحمهم بترك معاجلة العذاب، وبالإنعام عليهم ببعثة الرسل وإنزال الكتب
[ ولكن أكثرهم لا يشكرون ] اي لا يشكرون النعم بل يجحدون ويكفرون
[ وما تكون في شأن ] الخطاب للرسول (ص) أي ما تكون يا محمد في أمر من الأمور ولا عمل من الأعمال
[ وما تتلوا منه من قرآن ] اي وما تقرأ من كتاب اللّه شيئا من القرآن
[ ولا تعملون من عمل ] أي ولا تعملون ايها الناس من خير أو شر
[ إلا كنا عليكم شهودا إذ تُفيضون فيه ] اي إلا كنا شاهدين رقباء، نحصي عليكم أعمالكم، حين تندفعون وتخوضون فيها
[ وما يعزب عن ربك ] أي ما يغيب ولا يخفى على الله
[ من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ] اي من وزن هباءة، او ذرة تراب، في سائر الكائنات او الموجودات
[ ولا أصغرَ من ذلك ولا أكبرَ إلا في كتاب مبين ] اي ولا اصغر من الذرة ولا اكبر منها، إِلا وهو معلوم لدينا ومسجل في اللوح المحفوظ، قال الطبري : والآية خبر منه تعالى انه لا يخفى عليه أصغر الأشياء وإن خف في الوزن، ولا اكبرها وان عظم في الوزن، فليكن عملكم ايها الناس فيما يرضي ربكم، فإنا محصوها عليكم ومجازوكم بها
[ ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ] أي انتبهوا أيها الناس واعلموا أن احباب الله واولياءه، لا خوف عليهم في الآخرة من عذاب الله، ولا هم يحزنون على ما فاتهم في الدنيا، ثم بين تعالى هؤلاء الأولياء فقال
[ الذين اآمنوا وكانوا يتقون ] أي الذين صدقوا الله ورسوله، وكانوا يتقون ربهم بامتثال اوامره واجتناب نواهيه، فالولى هو المؤمن التقى، وفي الحديث (إن لله عبادا ما هم بأنبياءَ ولا شهداءَ، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة لمكانهم من الله، قالوا : أخبرنا من هم ؟ وما أعمالهم ؟ فلعلنا نحبهم، قال : هم قوم تحابوا في الله، على غير ارحام بينهم، ولا اموال يتعاطونها، فوالله إن وجوههم لنور، وانهم لعلى منابرَ من نور، لا يخافون إذا خاف اًلناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس ثم قرأ [ ألا إن أولياء الله.. ] الآية
[ لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ] أي لهم ما يسرهم في الدارين، حيث تبشرهم الملائكة (( ذهب بعض المفسرين إلى ان البشارة في الدنيا هي " الرؤية الصالحة " التي يراها المؤمن أو ترى له، وقد ورد ذلك فى حديث أخرجه الحاكم، واختار الطبري أن البشارة تكون بالرؤية الصالحة وببشارة الملائكة عند الموت )) عند الاحتضار برضوان الله ورحمته، وفي الآخرة بجنان النعيم والفوز العظيم، كقوله سبحانه [ إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ]
[ لا تبديل لكلمات الله ] اي لا إخلاف لوعده
[ ذلك هو الفوز العظيم ] أي هو الفوز الذي لا فوز وراءه، والظفر بالمقصود الذي لا يضاهى
[ ولا يحزنك قولهم ] آي لا يحزنك ولا يؤلمك يا محمد تكذيبهم لك وقولهم : لستَ نبيا مرسلا، ثم ابتدأ تعالى فقال


الصفحة التالية
Icon