[ سبحان الذى أسرى بعبده ليلا ] أى تنزه وتقدس عما لا يليق بجلاله، الله العلى الشأن، الذي انتقل بعبده ونبيه محمد (ص) فى جزء من الليل
[ من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ] أى من مكة المكرمة إلى بيت المقدس، وسمي بالأقصى لبعد المسافة بينه وبين المسجد الحرام، قال المفسرون : وإنما قال :[ ليلا ] بلفظ التنكير لتقليل مدة الإسراء، وأنه قطع به المسافات الشاسعة البعيدة في جزء من الليل وكانت مسيرة أربعين ليلة، وذلك أبلغ في القدرة والإعجاز، ولهذا كان بدء السورة بلفظ [ سبحان ] الدال على كمال القدرة، وبالغ الحكمة، ونهاية تنزهه تعالى عن صفات المخلوقين، وكان الإسراء بالروح والجسد، يقظة لا مناما، لأن لفظ العبد يُطلق على الإنسان كاملا - روحا وجسدا - ولو كان بالمنام، لما كان هناك من يشك أو يكذًب من المشركين، حيث ارتد بعض ضعفاء الإيمان، حينما سمعوا بحادثة الإسراء
[ الذي باركنا حوله ] أى الذي باركنا حوله بأنواع البركات الحسية والمعنوية، بالثمار والأنهار التي خص الله بها بلاد فلسطين، وبكونه مقر الأنبياء ومهبط الملائكة الأطهار
[ لنريه من آياتنا ] أى لنريَ محمدا (ص) آياتنا العجيبة العظيمة، ونطلعه على ملكوت السموات الأرض، فقد رآى صلوات الله عليه (ص) السموات العُلى، والجنة والنار، وسدرة المنتهى، والملائكة والأنبياء) وغير ذلك من العجائب والآيات التي تدل على قدرة الله تعالى
[ إنه هو السميع البصير ] أى إنه تعالى هو السميع لأقوال محمد (ص) البصير بأفعاله، فلهذا خصه بهذه الكرامات والمعجزات، إحتفاءً وتكريما له
[ وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ] أى أعطينا موسى التوراة هداية لبني إسرائيل، يخرجهم بواسطة ذلك الكتاب، من ظلمات الجهل والكفر، إلى نور العلم والإيمان
[ ألا تتخذوا من دونى وكيلا ] أى لا تتخذوا لكم رباَ تكلون إليه أموركم، سوى الله الذي خلقكم، قال المفسرون : لما ذُكر (المسجدُ الأقصى) وهو قلب الأرض المقدسة، التي أسكنها الله بني إسرائيل، جاء الحديث عنهم في مكانه المناسب من سياق السورة
[ ذرية من حملنا مع نوح ] أى يا ذرية ويا أبناء المؤمنين، الذين كانوا مع نوح في السفينة، لقد نجينا آباءكم من الغرق، فاشكروا الله على إنعامه
[ إنه كان عبدا شكورا ] أى إن نوحا كان كثير الشكر، يحمد الله على كل حال فاقتدوا به، وفي النداء لهم، تلطف بديع، وتذكير بنعمة الله الجليلة عليهم
[ وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب ] أى أخبرناهم وأعلمناهم، وأوحينا إليهم في التوراة
[ لتفسدن في الأرض مرتين ] أى ليحصلن منكم الإفساد في أرض فلسطين وما حولها مرتين (( قضاء الله على بنى إسرائيل بالإفساد مرتين ليس قضاء قهر وإلزام، وإنما هو إخبار من الله تعالى بما سيكون منهم حسب ما وقع قي علمه الإلهي الأزلي )) قال ابن عباس : أول الفساد قتل زكريا والثاني قتل يحيى عليهما السلام
[ ولتعلن علوا كبيرا ] أى تطغون في الأرض المقدسة طغيانا كبيرا، بالظلم والعدوان وانتهاك محارم الله
[ فإذا جاء وعد أولاهما ] أى اُولى المرتين من الإفساد
[ بعثنا عليكم عبادا لنا ] أى سلك عليكم من عبيدنا أنسانا جبارين للانتقام منكم
[ أولي بأس شديد ] أى أصحاب قوة وبطش فى الحرب شديد، قال المفسرون : إن بني إسرائيل لما استحلوا المحارم، وسفكوا الدماء، سلط الله عليهم (بختنصر) المجوسي، ملك بابل فقتل منهم سبعين ألفا، حتى كاد يفنيهم، وذلك أول الفسادين
[ فجاسوا خلال الديار ] أى طافوا وسط البيوت، يروحون ويغدون للتفتيش عنكم، واستئصالكم بالقتل والسلب والنهب، لا يخافون من أحد
[ وكان وعدا مفعولا ] آى كان ذلك التسليط والانتقام قضاء جزما حتما، لا يقبل النقض والتبديل