[ ثم رددنا لكم الكرة عليهم ] آى ثم لما تبتم وأنبتم أهلكنا أعداءكم، ورددنا لكم الدًولةَ والغلبة عليهم، بعد ذلك البلاء الشديد
[ وأمددناكم بأموال وبنين ] أى أعطيناكم الأموال الكثيرة والذرية الوفيرة بعد أن نُهبت أموالكم، وسُبيت أولادكم
[ وجعلناكم أكثر نفيرا ] أى جعلناكم أكثر عددا ورجالا من عدوكم، لتستعيدوا قوتكم وتبنوا دولتكم
[ إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم ] أى إن أحسنتم يا بني إسرائيل فإحسانكم لأنفسكم، ونفعه عائد عليكم، لا ينتفع الله منها بشيء
[ وإن أسأتم فلها ] أى وإن أسأتم فعليها، لا يتضرر الله بشيء منها، فهو الغني عن العباد، لا تنفعه الطاعة ولا تضره المعصية
[ فإذا جاء وعد الآخرة ] أى فإذا جاء وعد المرة الأخيرة من إفسادكم، بطغيانكم وفجوركم، وانتهاك محارم الله، بعثنا عليكم أعداءكم مرة ثانية
[ ليسوءوا وجوهكم ] أى بعثناهم ليهينوكم ويجعلوا آثار المساءة والكآبة، بادية على وجوهكم، بالإذلال والقهر
[ وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة ] أى وليدخلوا حرم (بيت المقدس ) فيخربوه كما خربوه أول مرة
[ وليتبروا ما علوا تتبيرا ] أى وليدمروا ويهلكوا ما غلبوا عليه تدميرا! ! وقد سلط الله عليهم (مجوس الفرس) فشردوهم في الأرض وقتلوهم ودمروا مملكتهم تدميرا
[ عسى ربكم أن يرحمكم ] أى لعل الله أن يرحمكم ويغفرعنكم، إن تبتم وأنبتم، وهذا وعد منه تعالى بكشف العذاب عنهم إن رجعوا إلى الله و[ عسى ] من الله واجبة
[ وان عدتم عدنا ] أى وإن عدتم إلى الإفساد والإجرام، عدنا إلى العقوبة والانتقام
[ وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا ] أى وجعلنا جهنم محبسا وسجنا للكافرين، لا يقدرون على الخروج منها أبد الآبدين.. ثم بين تعالى مزية التنزيل الكريم، المنزل على خاتم الأنبياء والمرسلين، الذي فاق بها سائر الكتب السماوية، فقال سبحانه :
[ إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ] أى إن هذا القرآن العظيم، يهدي لأقوم الطرق وأوضح السبل، ولما هو أعدل وأصوب
[ ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا ] أى ويبشر المؤمنين الذين يعملون بمقتضاه، بالأجر العظيم في جنات النعيم
[ وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما ] أى ويبشرهم بأن لأعدائهم الذين لا يصدًقون بالآخرة العقاب الأليم في دار الجحيم، وقد جمعت الآية بين الترغيب والترهيب
[ ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير ] أى يدعو بالشرعلى نفسه، كدعائه لها بالخير، ولو استجيب له في الشر، كما يستجاب له في الخير لهلك، قال ابن عباس : هو دعاء الرجل على نفسه وولده عند الضجر، بما لا يحب أن يستجاب له، يقول : اللهم أهلكه، اللهم دمره، ونحوه
[ وكان الإنسان عجولا ] أى ومن طبيعة الإنسان العجلة، يتعجل بالدعاء على نفسه، ويسارع لكل ما يخطر بباله، دون النظر فى عاقبته ! ! ثم أشار تعالى إلى آيات الله الكريمة في هذا الوجود، التي كل منها برهانْ نير على وحدانية الله، فقال سبحانه :
[ وجعلنا الليل والنهار آيتين ] أى علامتين عظيمتين على وحدانيتنا وكمال قدرتنا
[ فمحونا آية الليل ] أى طمسنا الليل فجعلناه مظلماَ لتسكنوا فيه
[ وجعلنا آية النهار مبصرة ] أى جعلنا النهار مضيئا مشرقا بالنور ليحصل به الإبصار
[ لتبتغوا فضلا من ربكم ] أى لتطلبوا في النهار أسباب معايشكم
[ ولتعلموا عدد السنين والحساب ] أى ولتعلموا عدد الأيام والشهور الأعوام، بتعاقب الليل والنهار، فالليل للراحة والسكون، والنهار للكسب والسعي
[ وكل شيء فصلناه تفصيلا ] أى وكل أمر من أمور الدنيا والدين، بيناه أحسن تبيين، وليس شىء من أمر هذا الوجود، متروكا للمصادفة والجُزاف، وإنما هو بتقدير وتدبير حكيم


الصفحة التالية
Icon