[ لا تجعل مع الله الها آخر ] أى لا تجعل مع الله شريكى، ولا تتخذ غيره إلها تعبده
[ فتقعد مذموما مخذولا ] أى فتصير ملوما عند الله، مخذولا مهانلا عنده، لا ناصر لك ولا معين !
البلاغة :
تضمنت الآيات الكريمة وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلي :
١ - براعة الاستهلال [ سبحان الذي أسرى ] لأنه لما كان أمرا خارقا للعادة، بدأه بلفظ يشير إلى كمال القدرة، وتنزه الله عن صفات النقص بقوله (سبحان ).
٢ - إضاقة التكريم والتشريف [ بعبده ] أضافه تعالى إليه تكريما وتشريفا.
٣ - جناس الاشتقاق [ ولتعلن، علوا ] [ تزر، وازرة ].
٤ - الطباق بين [ أحسنتم.. وأسأتم ] وبين [ ضل.. واهتدى ].
٥ – الإيجاز بالحذف [ اقرأ كتابك ] أى يقال له يوم القيامة اقرأ كتابك [ أمرنا مترفيها ] أى أمرناهم بطاعة الله فعصوا وفسقوا فيها.
٦ - المجاز العقلي [ آية النهارمبصرة ] لأن النهار لا يُبصِر، بل يُبصَر فيه فهو من إسناد الشيء إلى زمانه، ففيه (مجاز عقلي )، يدرَك بالعقل.
٧ - الاستعارة اللطيفة [ طانره في عنقه ] استعير الطانر لعمل الإنسان، ولما كان العرب يتفاءلون ويتشاءمون بالطير، سموا نفس الخير والشر بالطأئر بطريق الاستعارة.
لطيفه :
الحكمة فى إسرائه إلى بيت المقدس، ثم عروجه من بيت المقدس إلى السموات العلى، أنه مجمع أرواح الأنبياء، وموطن تنزل الوحي الإلهي على الرسل الكرام، ولما كانت هذه الرحلة (رحلة تكريم ) لسيد الأنبياء، أراد تعالى أن يشرفهم بزيارته، ولهذا صلى الرسول بهم إماما صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
تنبيه :
وصفه تعالى في هذه السورة بالعبودية [ أسرى بعبده ] لأنه أشرف المقامات وأسمى المراتب العلية، كما وصفه في مقام الوحي كذلك [ فأوحى إلى عبده ما أوحى ] وفي مقام الدعوة [ وأنه لما قام عبد الله يدعوه ] ولهذا قال القاضي عياض : ومما زادني شرفأ وتيهآ وكدتُ بأخمصي أطأ الثريا دخولي تحت قولك يا عبادي وان صرت أحمد لي نبيأ
قال الله تعالى :[ وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالين إحسانا.. ] إلى قوله [ فضلوا فلا يستطيعون سبيلا ]. من آية (٢٣) إلى نهاية آية (٤٨ ).
المناسبة :
لما جعل تعالى الإيمان والعملَ الصالح أساسا للفوز بالسعادة الأبدية، وبين حال المؤمن الذي أراد بعمله الدار الآخرة، ذكر هنا طائفة من الأوامر والزواجر، التي يقوم عليها بنيان المجتمع الفاضل، ثم ذكر تعالى موقف المشركين المكذبين من هذا القرآن العظيم.
اللغة :
[ أف ] كلمة تضخر وتبرم، قال ابن الأعرابي الأف : الضجر، وأصلها أنه إذا سقط تراب أو رماد فنفخ الإنسان ليزيله، فالصوت الحاصل هو " آُف " لم توسعوا في الكلمة، حتى آصبحت تقال لكل مكروه
[ تنهرهما ] النفرُ : الزجرُ والغِلظة
[ آلأوابين ] جمع أواب وهو كثير التوبة وا لإنابة، من الأوب بمعنى الرجوع
[ محسورا ] منقطعاً عن النفقة والتصرف، قال الفراء : تقول العرب للبعير هو محسور إذا انقطع سيره، وحَسَرت الدابة إذا انقطعت عن المسير لذهاب قوتها، فشُبه حال من أنفق كل ماله، بمن انقطع في سفره بسبب انقطاع مطيته
[ إملاق ] فقر وفاقة، أملق الرجل إذا افتقر
[ خِطأ ] قال الأزهري : خَطِىءَ يَخطَأ خِظأ إذا تعمد الخطأ، وأخطأ إذا لم يتعمد
[ الفسطاس ] الميزان مأخوذ من القسط وهو العدل
[ تقف ] تتئبغ مأخوذ من قفوتُ أثر فلان إذا اتبعت أثَره، وأصله البهتُ والقذف بالباطل
[ مرحا ] آلمَرَح : شدة الفرح والمراد به هنا التكبر والخيلاء
[ صرفنا ] بينا
[ أكنة ] جمع كِنان وهو الغطاء الذي يستر الشيء
[ وقرا ] صمما وثقلا.
التفسير :
[ وقضى ربك ألا تعبد إلا إياه ] أى حكم تعالى وأمر بأن لا تعبدوا إلهاً غيره، وقال مجاهد :[ وقضى ] يعني وصى بعبادته وتوحيده