[ أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا ] ؟ خطاب على وجه التوبيخ للعرب، ، الذين قالوا : إن الملائكة بنات الله، والمعنى : هل خصكم ربكم وأخلصكم بالذكور، واختار لنفسه - على زعمكم - البنات ؟ كيف يجعل لكم الأعلى من النسل ؟ ويختار لنفسه الأدنى ؟
[ إنكم لتقولون قولا عظيما ] أى إنكم لتقولون قولا عظيما في شناعته وبشاعته، حيث تنسبون إليه تعالى البنات، وتجعلون لله ما تكرهون ! !
[ ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا ] أى ولقد بينا للناس في هذا القرآن العظيم، الأمثالَ، والمواعظ، والوعد، والوعيد، ليتذكروا بما فيه من الحجج النيًرة، والبراهين الساطعة، فينزجروا عما هم فيه من الشرك والضلال ! !
[ وما يزيدهم إلا نفوراَ ] أى وما يزيدهم هذا البيان والتذكير، إلا تباعدا عن الحق، وغفلةَ عن النظر والإعتبار
[ قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذاً لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا ] أى لو فرضنا أن مع الله آلهة أخرى- كما يزعم هؤلاء المشركون -إذا لطلبوا طريقاً إلى مغالبة ذي العزة والجلال، ليسلبوا ملكه، كما يفعل ملوك الدنيا بعضهم ببعض (( هذا أحد وجهين في تفسير الاية الكريمة، والوجه الآخر أن المعنى : لو كان الأمر كما تقولون لكان أولئك المعبودون يبتغون سبيلا إلى التقرب إليه بعبادته وطاعته ويطلبون الزلفى لديه، وهذا اختيار ابن جرير وابن كثير، والوجه الأول أظهر كما يقول العلامة أبو السعود وهو المناسب للآية لقوله تعالى بعدها ﴿سبحانه ﴾ فإنه صريح في الإنكار، وأن قولهم فيه محذور عظيم، وبلاء جسيم ))
[ سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا ] أى تنزه الله تعالى وتقدس، عما يقول أولئك الظالمون، وتعالى ربنا عما نسبوه إليه من الزور والبهتان، تعاليا كبيرا، فإن مثل هذه الفِرية مما يتنزه عنه مقامه الأسمى، قال الشهاب : وذكر العلوً بعد عنوانه ب [ ذي العرش ] في أعلى مراتب البلاغة، لأنه المناسب للعظمة والجلال
[ تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن ] أى تسبح له الكائنات، وتنزهه وتقدسه الأرض والسموات، ومن فيهن من المخلوقات
[ وإن من شيء إلا يسبح بحمده ] أى وما من شيء في هذا الوجود، إلا ناطق بعظمة الله، شاهد بوحدانيته جل وعلا (( قال فى الظلال :" وإنه لمشهد كوني فريد حين يتصور القلب كل حصاة وكل حجر، كل حبة وكل ورقة، كل زهرة وكل ثمرة، كل نبتة وكل شجرة، كل حشرة وكل زاحفة، كل حيوان وكل إنسان، كل دابة على الأرض، وكل سابحة في الماء والهواء ومعها سكان السماء، كلها تسبح الله وتتوجه إليه في علاه، وحين تشف الروح وتصفو تدرك من أسرار هذا الوجود ما لا يدركه الغافلون ))، السموات تسبح الله في زرقتها، والحقولُ في خضرتها، والبساتينُ في نضرتها، والأشجار في حفيفها، والمياهُ في خريرها، والطيورُ في تغريدها، والشمس في شروقها وغروبها، والسحبُ في أمطارها، والكل شاهد بالوحدانية لله الواحد الأحد، كما قال القائل : وفي كل شيءٍ له آية تدل على أنه واحدُ
[ ولكن لا تفقهون تسبيحهم ] أى ولكن لا تفهمون تسبيح هذه الأشياء لأنها ليست بلغاتكم
[ إنه كان حليماً غفورا ] أى إنه تعالى حليم بالعباد لا يعاجل من عصاه بالعقوبة، غفورَ لمن تاب وأناب، ولولا حلم الله وغفرانه لأخذ البشر أخذ عزيز مقتدر
[ وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا ] أى وإذا قرأت يا محمد القرآن على هؤلاء المشركين، الذين لا يصدقون بالآخرة، جعلنا بينك وبينهم حجابا خفيا، يحجب عنهم فهم القرآن، وإدراك أسراره وحِكمه
[ وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه ] أى وجعلنا على قلوب هؤلاء الكفار أغطية لئلا يفهموا القرآن
[ وفي آذانهم وقرا ] أى صممآ يمنعهم من استماعه


الصفحة التالية
Icon