[ وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا ] أى عدهم بالوعود المغرية الخادعة، والأماني الكاذبة، كالوعد بشفاعة الأصنام، والوعد بالغِنى من المال الحرام، والوعد بالعفو والمغفرة، وسعَة رحمة الله، والوعد باللذة والسرور في ارتكاب الموبقات كقول الشاعر : خذوا بنصيب من سرور ولذة فكلَ وإن طال المدى يتصرًم
[ إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ] أى إن عبادي المخلصين ليس لك عليهم تسلط بالإغواء، لأنهم فى حفظى وأماني
[ وكفى بربك وكيلا ] أى كفى بالله تعالى عاصما وحافظاً لهم من كيدك وشرك.. ثم ذكر تعالى العباد بإحسانه ونعمه عليهم، وبآثار قدرته ووحدانيته فقال سبحانه :
[ ربكم الذى يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله ] أى ربكم أيها الناس هو الذي يُسير لكم السفن في البحر، لتطلبوا من رزقه في أسفاركم وتجاراتكم
[ إنه كان بكم رحيما ] أى هو تعالى رحيم بالعباد، ولهذا سهل لهم أسباب ذلك
[ وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه ] أى وإذا أصابتكم الشدة والكرب في البحر، وخشيتم من الغَرَق ذهب عن خاطركم من كنتم تعبدونه من الآلهة، ولم تجدوا غير الله مغيثا يغيثكم، فالإنسان في تلك الحالة لا يتضرع إلى الصنم والوثن، والملك والفلك، وإنما يتضرع إلى الله تعالى
[ فلما نجاكم إلى البر أعرضتم ] أى فلما نجاكم من الغرق وأخرجكم إلى البرز، أعرضتم عن الإيمان والإخلاص
[ وكان الإنسان كفورا ] أى ومن طبيعة الإنسان جحود نعم الرحمن، ثم خوفهم تعالى بقدرته العظيمة فقأل
[ أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر ] أى أفأمنتم أيها الناس حين نجوتم من الغرق في البحر، ان يخسف الله بكم الأرض، فيخفيكم في باطنها ؟ إنكم قي قبضة الله في كل لحظة، فكيف تأمنون بطش الله وانتقامه ؟ بزلزال أو رجفة أو بركان ؟
[ أو يرسل عليكم حاصبا ] أى يمطركم بحجارة من السماء تقتلكم، كما فعل بقوم لوط
[ ثم لا تجدوا لكم وكيلا ] أى لا تجدوا من يقوم بأموركم، ويحفظكم من عذابه تعالى
[ أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى ] أى يعيدكم في البحر مرة أخرى ؟
[ فيرسل عليكم قاصفا من الريح ] أى يرسل عليكم وأنتم في البحر، ريحا شديدة مدمرة، لا تمر بشيء إلا كسرته ودمرته
[ فيغرقكم بما كفرتم ] أى يغرقكم بسبب كفركم
[ ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا ] أى لا تجدوا من يأخذ لكم بالثأر منا، أو يطالبنا بتبعة إغراقكم ! !
البلاغة :
تضمنت الآيات الكريمة من وجوه البيان والبديع ما يلي :
١- الاستفهام الإنكاري [ أئذا كنا عظاما ] وتكرير الهمزة في [ أئنا لمبعوثون ] لتأكيد النكير، وكذلك تأكيده بإن واللام للإشارة إلى قوة الإنكار.
٢- الأمر للتعجيز والإهانة في قوله [ قل كونوا حجارة أو حديدا ].
٣- الطباق بين [ يرحمكم.. ويعذبكم ] وبين لفظ [ البر.. والبحر ].
٤- الإيجازبالحذف [ ولا تحويلا ] أى ولا تحويل الضر عنكم حُذف لدلالة ما سبق عليه.
٥- المقابلة اللطيفة بين الجملتين [ يرجون رحمته ]، [ ويخافون عذابه ].
٦- الإسناد المجازي [ وما منعنا أن نرسل بالآيات ] المنع محال في حقه تعالى، لأن الله لا يمنعه عن إرادته شيء، فالمنع مجاز عن الترك أى ما كان سبب ترك إرسال الآيات إلا تكذيب الأولين.
٧- المجاز العقلي [ الناقة مبصرة ] لما كانت الناقة سببا فى إبصار الحق والهدى، نُسِب إليها الإبصار، ففيه مجاز عقلي علاقته السببية.
٨- الاستعارة التمثيلية [ وأجلب عليهم بخيلك ورجلك ] مُثلَت حال الشيطان في تسلطه على من يغويه، بالفارس الذي يصيح بجنده للهجوم على الأعداء لإستئصالهم.
٩ - التذييل [ أنه كان بكم رحيماا ] لأنه كالتعليل لما سبق من تسيير السفن تسخيرها في البحر.
تنبيه :


الصفحة التالية
Icon