[ ومن كان في هذه أعمى ] أى ومن كان في هذه الدنيا أعمى القلب، لا يهتدي إلى الحق ولا إلى الخير
[ فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا ] أى فهو في الآخرة أشد عمى وأشد ضلالا (( هذا كله من عمى القلب، وقيل : المراد أنه يحشر يوم القيامة أعمى البصر لقوله تعالى :﴿ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما.. ﴾ الاية )) عن طريق السعادة والنجاة، قال قتادة : من كان في هذه الدنيا أعمى، عما عاين من نعم الله وخلقه وعجائبه، فهو فيما يغيب عنه من أمر الآخرة، أشد عمى وأضل طريقاً
[ وإن كادوا ليفتنونك عن الذى أوحينا إليك ] أى وإن كان الحال والشأن أن المشركين، قاربوا أن يصرفوك عن الذي أوحيناه إليك يا محمد من بعض الأوامر والنواهي
[ لتفتري علينا غيره ] أى لتأتي بغير ما أوحاه الله إليك وتخالف تعاليمه، وهذا تحذير للأمة أن يركنوا إلى المشركين، في شيء من أمور الدين، كما قال ابن عباس (( قال ابن عباس : كان رسول الله (ص) معصوما، ولكن هذا تعريف للأمة لئلا يركن أحد منهم إلى المشركين، في شيء من أحكام الله تعالى وشرائعه ))
[ وإذا لاتخذوك خليلا ] أى لو فعلت ما أرادوا لاتخذوك صاحبا وصديقاً، قال المفسرون : حاول المشركون محاولات كثيرة ليثنوا رسول الله (ص) عن المضي في دعوته، منها : مساومتهم له أن يعبدوا إلهه مقابل أن يترك التنديد بآلهتهم، وما كان عليه آباؤهم، ومنها مساومة بعضهم اْن يجعل أرضهم حراما كالبيت العتيق الذي حرمه الله، ومنها طلب بعض الكبراء أن يجعل لهم مجلسا غير مجلس الفقراء، فعصمه الله من شرهم، وأخبر أنه لا يكله إلى أحد من خلقه، بل هو وليه وحافظه وناصره
[ ولولا أن ثبتناك ] أى لولا أن ثبتناك على الحق بعصمتنا إياك
[ لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا ] أى كدت تميل إليهم وتسايرهم على ما طلبوا
[ إذا لأذقانك ضعف الحياة وضعف الممات ] أى لو ركَنتَ إليهم لضاعفنا لك عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، لأن الذنب من العظيم جرم كبير، يستحق مضاعفة العذاب، والغرضُ من الآية بيانُ فضل الله على الرسول (ص) فى تثبيته على الحق، وعصمته من الفتنة، وفي الآية تحذير للأمة، في صورة مخاطبة الفائد والرئيس، [ ولولا ] حرف امتناع لوجود أى امتنع الركون إليهم، لعصمته تعالى وتثبيته له، فليس في الآية ما يُنقص من قدر الرسول (ص) وإنما هي بيان لفضل الله العظيم، على نبيه الكريم
[ ثم لا تجد لك علينا نصيرا ] أى لا تجد من ينصرك منا، أو يدفع عنك عذابنا
[ وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها ] أى وإن كاد المشركون بمكرهم وإزعاجهم، أن يخرجوك يا محمد من أرض مكة
[ واذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا ] أى لو أخرجوك لم يلبثوا بعد خروجك إلا زمنا يسيرا، وفق سنة الله التي لا تتبدل، مع الذين يخرجون رسلهم من أوطانهم، قال قتادة : هلم أهلُ مكة بإخراج النبي (ص) من مكة، ولو فعلوا ذلك ما أمهلوا، ولكن الله تعالى منعهم من إخراجه، حتى أمره بالخروج
[ سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ] أى هذه عادة الله مع رسله، في إهلاك كل أمة أَخرجت رسولَها من بين أظهرهم
[ ولا تجد لسنتنا تحويلا ] أى لن تجد لها تبديلا أو تغييرا
[ أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ] أى حافظ يا محمد على الصلاة في أوقاتها، من وقت زوال الشمس عند الظهيرة، إلى وقت ظلمة الليل
[ وقرآن الفجر ] أى وأقم صلاة الفجر، وإنما عبرعنها بقراَن الفجر، لإطالة القراءة فيها