[ أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا ] هذا هو الاقتراح الثالث أى تجعل السماء تتساقط علينا قِطَعا، كما كنتَ تخوفنا، وتزعم أن الله سيعذبنا إن لم نؤمن بك ! ! وهذا اشارة إلى قوله تعالى [ إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء ]
[ أو تأتي بالله والملائكة قبيلا ] الاقتراح الرابع، أى تُحضر لنا الله وملائكته مقابلة وعياناً فنراهم
[ أو يكون لك بيت من زخرف ] الاقتراح الخامس، أى يكون لك قصر مشيد عظيم من ذهب، لا من حجر أو طين
[ أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه ] هذا هو الإقتراح السادس والأخير - وكلْها تدل على سفهٍ وجهل كبير، بسنة الله في خلقه، وبحكمته وجلاله -آى تصعد إلى السماء بسُلم، ولن نصدقك لمجرد صعودك، حتى تعود ومعك كتاب من الله تعالى منشور، أنك عبده ورسولُهَ نقرؤه بأنفسنا
[ قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا ] أى قل لهم يا أيها الرسولُ تعجبا من فرط كفرهم وعنادهم : سبحانَ الله ! ! هل انا إله حتى تطلبوا مني أمثال هذه المقترحات ؟ ما أنا إلا رسول من البشر، بعثني الله إليكم، فلِمَ هذا الجحود والعناد ؟ !
[ وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا ] ؟ أى إن السبب الذي منع المشركين من الإيمان، بعد وضوح المعجزات، هو استبعاد أن يبعث الله رسولا إلى الخلق من البشر، فلماذا يكون بشرأ ولا يكون مَلَكآ ؟ وقد ردْ تعالى عليهم بقوله :
[ قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين ] أى قل لهم يا محمد : لو كان أهل الأرض ملائكة، يمشون على أقدامهم كما يمشي الناس، ساكنين في الأرض مستقرين فيها
[ لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا ] أى لنزلنا عليهم رسولا من الملائكة، ولكن أهل الأرض بشر، فالرسول إليهم بشر من جنسهم، إذ جرت حكمة الله، أن يرسل إلى كل قوم رسولا من جنسهم، ليمكنهم الفهم عنه ومخاطبته، وهذا تسفيه وتجهيل لمنطق المشركين
[ قل كفى بالله شهيدا بينى وبينكم ] أى كفى الله شاهدا على صدقي
[ إنه كان بعباده خبيراً بصيرا ] أى هو تعالى العالم بأحوال العباد، وسيجازيهم عليها
[ ومن يهد الله فهو المهتد ] أى من يهده الله إلى الحق فهو السعيد الرشيد
[ ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ] أى ومن يضلله الله عن الحق بسبب سوء اختياره، فلن تجد لهم أنصاراً يعصمونهم من عذاب الله
[ ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم ] أى يسحمون يوم القيامة على وجوههم، تجرهم الزبانية من أرجلهم إلى جهنم كما يُفعل في الدنيا بمن يبالغ في هوانه وتعذيبه
[ عميا وبكما وصما ] أى يحشرون حال كونهم عمياَ وبكماً وصما، يعنى فاقدي الحواس لا يرون، ولا ينطقون، ولا يسمعون، ثم يرد الله إليهم أسماعهم وأبصارهم ونطقهم، فيرون النار ويسمعون زفيرها، وينطقون بما حكى الله عنهم ! ! عن أنس : قيل يا رسول الله : كيف يُحشر الناسُ على وجوههم ؟ قال : إنً الذي أمشاهم على أرجلهم، قادر على أن يمشيهم على وجوههم
[ مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيراَ ] أى مستقرهم ومقامهم في نار جهنم، كلما سكن لهبها وخمدت نارها، زدناهم نارا ملتهبة ووهجا وجمرا
[ ذلك جزاؤهم بأنهم كفروا بآياتنا وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا ] أى ذلك العذاب جزاء كفرهم بآيات الله وتكذيبهم بالبعث والنشور، وقولهم : أئذا أصبحنا عظاماً نخرة، وذرات متفتتة سنُخلق ونبعث مرة ثانية ؟ وقد رد تعالى عليهم بقوله :


الصفحة التالية
Icon