[ إذ أوى الفتية إلى الكهف ] أي اذكر حين التجأ الشبان إلى الغار في الجبل وجعلوه مأواهم (( خلاصة قصة أصحاب الكهف كما ذكرها المفسرون أن ملكا جبارا يسمى " دقيانوس " ظهر على بلدة من بلاد الروم تدعى " طرطوس " بعد زمن عيسى عليه السلام، وكان يدعو الناس الى عبادة الأصنام، ويقتل كل مؤمن لا يستجيب لدعوته الضالة، حتى عظمت الفتنة على أهل الإيمان، فلما رأى الفتية ذلك حزنوا حزنا شديدا وبلغ خبرهم الملك الجبار فبعث في طلبهم، فلما مثلوا عند الملك توعدهم بالقنل إن لم يعبدوا الأوثان ويذبحوا للطواغيت، فوقفوا في وجهه وأظهروا إيمانهم وقالوا :﴿ربنا رب السموات والأرض لن ندعوا من دونه إلها﴾ فقال لهم : إنكم فتيان حديثة أسنانكم وقد اخرتكم إلى الغد لتروا رأيكم ! ! فهربوا ليلا ومروا براع معه كلب فتبعهم فلما كان الصباح أووا الى الكهف وتبعهم الملك وجنده فلما وصلوا إلى الكهف هاب الرجال وفزعوا من الدخول عليهم وألقى الله على أهل الكهف النوم فبقوا نائمين وهم لا يدرون (ثلاثمائة وتسع سنين ) ثم أيقظهم الله وظنوا أنهم أقاموا يوما أو بعض يوم، وشعروا بالجوع فبعثوا أحدهم ليشتري لهم طعاما، وطلبوا منه التخفي والحذر فسار حتى وصل البلدة فوجد معالمها قد تغيرت، ولم يعرف أحدا من أهلها فقال في نفسه : لعلي اخطأت الطريق إلى البلدة، ثم اشترى طعاما ولما دفع النقود للبائع جعل يقلبها في يده ويقول : من أين حصلت على هذه النقود ؟ واجتمع عليه الناس وأخذوا ينظرون لتلك النقود ويعجبون، ثم قالوا : من أنت يا فتى ؟ لعلك وجدت كنزا ؟ فقال : لا والله ما وجدت كنزا إنها دراهم قومي، قالوا له : انها من عهد بعيد، من زمن الملك (دقيانوس ) قال : وما فعل دقيانوس ؟ قالوا : مات من قرون عديدة قال : والله ما يصدقني أحد بما أقوله : لقد كنا فتية واكرهنا الملك على عبادة الاوثان فهربنا منه عشية أمس، فأوينا إلى الكهف فأرسلني أصحابي اليوم لأشتري لهم طعاما، فانطلقوا معي إلى الكهف أريكم أصحابي، فتعجبوا من كلامه ورفعوا أمره إلى الملك - وكان مؤمنا صالحا - فلما سمع خبره خرج الملك والجند وأهل البلدة، وحين وصلوا الى الغار سمعوا الأصوات وجلبة الخيل فظنوا انهم رسل دقيانوس، فقاموا الى الصلاة فدخل الملك عليهم فرآهم يصلون، فلما انتهوا من صلاتهم عانقهم الملك واخبرهم أنه رجل مؤمن وأن دقيانوس قد هلك من زمن بعيد، وسمع كلامهم وقصتهم وعرف أن الله بعثهم ليكون أمرهم آية للناس، ثم ألقى الله عليهم النوم وقبض أرواحهم، فقال الناس : لنتخذن عليهم مسجدا ! ! ))
[ فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة ] أى أعطنا من خزائن رحمتك الخاصة مغفرة ورزقاً
[ وهيء لنا من أمرنا رشدا ] أى أصلح لنا أمرنا كله واجعلنا من الراشدين المهتدين
[ فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا ] أى ألقينا عليهم النوم فى الغار سنين عديدة
[ ثم بعثناهم لنعلم أى الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا ] أى لم أيقظناهم من بعد نومهم الطويل لنرى أى الفريقين أدق إحصاء للمدة التى ناموها في الكهف ؟ قال في التسهيل : والمراد بالحزبين : أصحابُ الكهف، والذين بعثهم الله إليهم حتى رأوهم، وقال مجاهد : الحزبان من أصحاب الكهف لما استيقظوا اختلفوا في المدة التى لبثوها في الكهف فقال بعضهم : يوما أو بعض يوم، وقال آخرون : ربكم أعلم بما لبثتم، والقول الأول مروي عن ابن عباس
[ نحن نقص عليك نبأهم بالحق ] أى نحن نقص عليك يا أيها الرسول خبرهم العجيب، على وجه الحقيقة، دون زيادة ولا نقصان
[ إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى ] أى إنهم جماعة من الشبان آمنوا بالله، فثبتناهم على الدين، وزدناهم يقينا