[ وربطنا على قلوبهم ] أى قوينا عزمهم وألهمناهم الصبر، حتى أصبحت قلوبهم ثابتة راسخة، مطمئنة إلى الحق معتزةً بالإيمان
[ إذ قاموا فقالوا ربنا رب السموات والأرض ] أى حين قاموا بين يدي الملك الكافر الجبار من غير مبالاة، فقالوا : ربنا هو خالق السموات والأرض لا ما تدعونا إليه من عبادة الأوثان والأصنام
[ لن ندعوا من دونه إلها ] أى لن نشرك معه غيره، فهو واحد بلا معين ولا شريك
[ لقد قلنا إذا شططا ] أى لئن عبدنا غيره، نكون قد تجاوزنا الحق، وحُدنا عن الصواب، وأفرَطنا في الظلم والضلال
[ هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة ] أى هؤلاء أهل بلدنا، عبدوا الأصنام تقليدا، غير حجة ولا برهان
[ لولا يأتون عليهم بسلطان بين ] أى هلا يأتون على عبادتهم لها ببرهان ظاهر! ؟ والغرض من التحضيض [ لولا ] التعجيز، كأنهم قالوا : إنهم لا يستطيعون أن يأتوا بحجة ظاهرة، على عبادتهم للأصنام، فهم إذاً كذبة على الله (( يقول الشهيد سيد قطب في الظلال :" والى هنا يبدو موقف الفتية واضحا صريحا حاسما، لا تردد فيه ولا تلعثم، إنهم فتية أشداء في أجسامهم، أشداء في إيمانهم، أشداء في استنكار ما عليه قومهم، ولقد تبين الطريقان فلا سبيل إلى الالتقاء، ولابد من الفرار بالعقيدة.. إنهم فتية تبين لهم الهدى في وسط ظالم كافر، ولا حياة لهم في هذا الوسط ؟ إن هم أعلنوا عقيدتهم وجاهروا بها، وهم لا يطيقون كذلك أن يداروا القوم ويعبدوا ما يعبدون من الالهة على سبيل التقية ويخفوا عبادتهم لله. والأرجح أن أمرهم قد كشف، فلا سبيل لهم إلا أن يفروا بدينهم إلى الله وأن يختاروا الكهف على زينة الحياة، وقد أجمعوا أمرهم فهم يتناجون بينهم ثم يأوون إلى الكهف الضيق المظلم، يستروحون فيه رحمة الله، فاذا الكهف فسيح تنتشر فيه الرحمة وتمتد ظلالها فتشملهم بالرفق، والرخاء، واللين " ))
[ فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ] استفهام بمعنى النفي، أى لا أحد أظلم ممن كذب على الله بنسبة الشريك إليه تعالى
[ وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله ] أى وإذ اعتزلتم اْيها الفتية قومكم، وما يعبدون من الأوثان، اعتزلتم قومكم غير الله تعالى
[ فأووا إلى الكهف ] أى التجئوا إلى الكهف
[ ينشر لكم ربكم من رحمته ] أى يبسط ربكم ويوشع عليكم رحمته
[ ويهيء لكم من أمركم مرفقا ] أى يُسهل عليكم أسباب الرزق، وما ترتفقون به من الطعام والشراب في هذا الغار
[ وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين ] أى ترى أيها المخاطب الشمس إذا طلعت تميل عن كهفهم جهة اليمين
[ وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال ] أى وإذا غربت تقطعهم وتُبعد عنهم جهة الشمال، والغرضُ أن الشمس لا تصيبهم عند طلوعها ولا عند غروبها، كرامة لهم من الله تعالى، لئلا تؤذيهم بحرها
[ وهم في فجوة منه ] أى في متسع من الكهف وفي وسطه، بحيث لا تصيبهم الشمس لا في ابتداء اللهار، ولا فى آخره
[ ذلك من أيات الله ] أى ذلك الصنيع من دلائل قدرة الله الباهرة، قال ابن عباس : لو أن الشمس تطلع عليهم لأحرقتهم، ولو أنهم لا يقلبون لأكلتهم الأرض
[ من يهد الله فهو المهتد ] أى من يُوفقه الله للإيمان، ويرشده إلى طريق السعادة، فهو المهتدي حقا
[ ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا ] أى ومن يضلله الله بسوء عمله، فلن تجد له من يهديه
[ وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ] أى لو رأيتهم أيها الناظر، لظننتهم أيقاظا لتفتح عيونهم وتقلبهم، والحال أنهم نيام
[ ونُقلبهم ذات اليمين وذات الشمال ] أى ونقلبهم من جانب إلى جانب، لئلا تأكل الأرض أجسامهم
[ وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد ] أي وكلبهم الذي تبعهم باسط يديه بفناء الكهف، كأنه يحرسهم