[ فرطا ] مجاوزا للحد من قولهم فرس فرُط إذا كان متقدما للخيل، قال الليث : الفرُط الأمر الذي يفرط فيه، قال الشاعر : لقد كلفتني شَططا وأمرا خائبا فُرُطا
[ سرادقها ] السرادق : السور والحائط
[ المهل ] كل ما أذيب من المعادن، قال أبو عبيدة : كل شيء أذبته من ذهب، أو نحاسِ، أو فضة فهو المُهل
[ سندس ] السندس : الرقيق من الحرير
[ إستبرق ] الإستبرق : الغليظ من الحرير وهو الديباج، قال الشاعر : تراهن يلبسن المشاعر مرة وإستبرق الديباج طوراَ لباسها
[ الأرائك ] جمع أريكة وهي السرير المزين بالثياب والستور، كسرير العروس
[ حسبانا ] جمع حسبانة وهي الصاعقة
[ هشيما ] الهشيم : اليابس المتكسر من النبات
[ نغادر ] نترك.
سبب النزول :
روي أن أشراف قريش اجتمعوا عند رسول الله (ص) وقالوا له : إن اردت أن نؤمن بك، فأطرد هؤلاء الفقراء من عندك ! ! يعنون " بلالا، وخبابا، وصهيبا وغيرهم فإنا نأنف أن نجتمع بهم، وتعين لهم وقتا يجتمعون فيه عندك فأنزل الله [ واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي بريدون وجهه ولا نعد عيناك عنهم.. ] الآية.
التفسير :
[ واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك ] أى أقرأ يا أيها الرسولُ ما أوحاه إليك ربك، من آيات الذكر الحكيم
[ لا مبدل لكلماته ] أى لا يقدر أحد أن يغير أو يبدل كلام الله
[ ولن تجد من دونه ملتحدا ] أى لن تجد ملجأ غير الله تعالى أبدا
[ واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي ] أي : احبس نفسك مع الضعفاء والفقراء من المسلمين، الذين يدعون ربهم بالصباح والمساء
[ يريدون وجهه ] أى يبتغون بدعائهم وجه الله تعالى
[ ولا تعد عيناك عنهم ] أى لا تصرف بصرك إلى غيرهم من ذوي الغنى والشرف، قال المفسرون : كان عليه السلام حريصا على إيمان الرؤساء ليؤمن أتباعهم ولم، يكن مريدا لزينة الدنيا قط، فأمِر أن يجعل إقباله على فقراء المؤمنين، وأن يُعرض عن أولئك العظماء والأشراف من المشركين
[ تريد زينة الحياة الدنيا ] أى تبتغي بمجالستهم الشرف والفخر، قال ابن عباس : لا تجاوزهم إلى غيرهم تطلب بدلهم أصحاب الشرف والثروة
[ ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا ] أي لا تطع كلام الذين سألوك طرد المؤمنين، فقلوبهم غافلة عن ذكر الله، وقد شغلوا عن الدين وعبادةِ ربهم بالدنيا، قال المفسرون : نزلت في (عُيينة بن حصن ) وأصحابه أتى النبي (ص) وعنده جماعة من الفقراء منهم " سلمان الفارسي " وعليه شملة صوف قد عرق فيها فقال عُيينة للنبي (ص) : اما يؤذيك ريح هؤلاء ؟ ونحن سادةُ مضر وأشرافُها، إن أسلمنا يسلم الناس، وما يمنعنا من اتباعك إلا هؤلاء، فنحهم عنك حتى نتبعك، أو اجعل لنا مجلسا ولهم مجلس، فهم رسول الله (ص) أن يجيبهم إلى ما طلبوا، فلما نزلت الآية خرج رسول الله (ص) يلتمس هؤلاء الفقراء، فلما رآهم جلس معهم وقال :" الحمد الله الذي جعل في أُمتي من أمرني ربي أن أصبر نفسي معهم
[ واتبع هواه ] أى سار مع هواه وترك أمر الله
[ وكان أمره فرطا ] أى كان أمره ضياعا وهلاكا ودمارا
[ وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ] ظاهرُه أمر وحقيقته وعيد وإنذار، أى قل يا محمد لهؤلاء الغافلين : لفد ظهر الحق وبان، بتوضيح الرحمن، قإن شئتم فآمنوا وإن شئتم فاكفروا كقوله :[ اعملوا ما شئتم ]
[ إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها ] أى هيأنا للكافرين بالله ورسوله نارا حامية شديدة، أحاط بهم سورها كاِحاطة السوار بالمعصم