[ ولئن رددت إلى ربى لأجدن خيرمنها ] أى ولئن كان هناك بعث - على سبيل الفرض والتقدير كما تزعمُ - فسوف يعطيني الله خيرا من هذا وأفضل
[ منقلبا ] أى مرجعا وعاقبة، فكما أعطاني هذا في الدنيا، فسيعطينى في الآخرة لكرامتي عليه
[ قال له صاحبه وهو يحاوره ] أى قال ذلك المؤمن الفقير وهو يراجع أخاه ويجادله
[ أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا ] أى أجحدت الله الذي خلق أصلك من تراب، ثم من مني، ثم سوًاك إنسانا سويا ؟ والاستفهام للتقريع والتوبيخ
[ لكنا هو الله ربي ] أى لكنْ أنا أعترف بوجود الله فهو ربي وخالقي
[ ولا أشرك بربي أحدا ] أى لا أُشرك مع الله غيره، فهو المعبودُ وحده لا شريك له
[ ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله ] أى فهلا حين دخلتَ حديقتك، وأُعجبت بما فيها من الأشجار والثمار، قلت : هذا من فضل الله، فما شاءَ الله كان وما لم يشأ لم يكن
[ لا قوة إلا بالله ] أى لا قدرة لنا على طاعته إلا بتوفيقه ومعونته
[ إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا ] أى قال المؤمن للكافر : إن كنت ترى أنني افقر منك، وتعتز عليً بكثرة مالك وأولادك
[ فعسى ربى أن يؤتين خيرا من جنتك ] جواب الشرط أى أني اتوقع من صنع الله تعالى وإحسانه، أن يقلب ما بي وما بك من الفقر والغنى، فيرزقني جنةً خيراً من جنتك لإيماني به، ويسلب عنك نعمته لكفرك به ويخرب بستانك
[ ويرسل عليها حسبانا من السماء ] أى يرسل عليها آفة تجتاحها، أو صواعق من السماء تدمرها
[ فتصبح صعيدا زلقا ] أى تصبح الحديقة أرضا ملساء، لا تثبت عليها قدم، جرداء لا نبات فيها ولا شجر
[ أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا ] أى يغور ماؤها في الأرض فيتلف كل ما فيها من الزرع والشجر، وحينئذ لا تستطيع طلبه، فضلا عن إعادته ورده ! ! وينتهي الحوار هنا وتكون المفاجأة المدهشة، فيتحقق رجاء المؤمن بزوال النعيم عن الكافر، وفجأة ينقلنا السياق من مشهد اللهجة والإزدهار، إلى مشهد البوار والدمار
[ وأحيط بثمره ] أى هلكت جنته بالكلية واستولى عليها الخراب والدمار، فى الزروع والثمار
[ فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها ] أى يقلب كفيه ظهرا لبطن، أسفا وحزنا على ماله الضائع وجهده الذاهب، قال القرطبي : أى يضرب إحدى يديه على الأخرى ندما، كما يفعل ذلك النادم
[ وهي خاوية على عروشها ] أى مهشمة محطمة قد سقطت السقوف على الجدران، فأصبحت خرابا يبابا
[ ويقول يا ليتنى لم أشرك بربى أحدأ ] أى يتمنى أن لم يكن قد كفر النعمة، ندم حين لا ينفع الندم، قال تعالى :
[ ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله ] أى لم تكن له جماعة تنصره وتدفع عنه الهلاك
[ وما كان منتصرا ] أى وما كان بنفسه ممتنعا عن انتقام الله سبحانه، فلم تنفعه العشيرة والولد، حين اعتز وافتخر بهم، وما استطاع بنفسه أن يدفع عنه العذاب
[ هنالك الولاية لله الحق ] أى في ذلك المقام وتلك الحال، تكون النصرة لله وحده، لا يقدر عليها أحد، فهو الولى الحق الذي ينصر أولياءه
[ هو خير ثوابا وخير عقبا ] أى الله خير ثوابا في الدنيا والاخرة لمن آمن به، وهو خير عاقبة لمن اعتمد عليه ورجاه
[ واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض ] هذا مثل آخر للدنيا وبهرجها الخادع، يشبه مثل الجنتين في الفناء والزوال، والمعنى : اضرب يا محمد للناس مثل هذه الحياة في زوالها وفنائها وانقضائها، بماء نزل من السماء، فخرج به النبات وافيا غزيرا حسنا، وخالط بعضه بعضا من كثرته وتكاثفه
[ فأصبح هشيما تذروه الرياح ] أى صار النبات متكسرأ من اليبس، بعد أن يبسَ الزرعُ، تنسفه الرياح ذات اليمين وذات الشمال


الصفحة التالية
Icon