[ ولم يجدوا عنها مصرفاً ] أى لم يجدوا عنها معدلا، وذلك لأنها أحاطت بهم من كل جانب، فلم يقدروا على الهرب منها.
البلاغة :
تضمنت الآيات الكريمة وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلي :
١ - الطبا ق بين [ الغداة.. والعشي ] وبين [ فليؤمن.. وفليكفر ].
٢ - المقابلة البديعة بين الجنة [ نعم الثواب وحسنت مرتفقا ] والنار [ بئس الشراب وساءت مرتفقا ].
٣ – اتشبيه [ بماء كالمهل يشوي الوجوه ] ويسمى مرسلا مفصلاا لذكر الأداة ووجه الشبه.
٤ - التشبيه التمثيلي [ واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين ] لأن وجه الشبه منتزع من متعدد، وكذلك يوجد التشبيه التمثيلي في [ واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه ].
٥ - المبالغة باِطلاق المصدر على اسم الفاعل [ أو يصبح ماؤها غورأ ] أى غائرا.
٦ - الكناية [ يقلب كفيه ] كناية عن التحسر والندم، لأن النادم يضرب بيمينه على شماله.
٧ - الإنكار والتعجيب [ أفتتخذونه وذريته أولياء ] ؟.
تنبيه :
الجمهور على أن الباقيات الصالحات من الكلمات المأثور فضلها " سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وقد ورد بذلك حديث تقدم ذكره، وروى الترمذي :(أن رسول الله (ص) قال : لقيتُ إبراهيم ليلةَ أُسري بي فقال يا محمد : أقرئ فى أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها :(سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله اكبر) ".
قال الله تعالى :[ ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل.. ] إلى قوله [ ما لم تسطِع عليه صبراَ ]. من آية (٥٤) إلى نهاية آية (٨٢).
المناسبة :
لما ضرب تعالى المثل في قصة صاحب الجنتين، وضرب المثل للحياة الدنيا وما فيها من نعيم خادع ومتاع زائل، نبه تعالى إلى الغاية من ذكر هذه الأمثال، وهي " العظةُ والإعتبار ثم ذكر القصة الثالثة قصة موسى مع الخضر، وما فيها من أمور غيبية عجيبة.
اللغة :
[ قبلا ] مقابلة وعياناَ
[ موئلا ] ملجأ ومنجى، قال ابن قتيبة : وَأَلَ فلان إلى كذا لجأ إليه، والأ ووءولأ والموئل : الملجأ، قال الأعشى : وقد أُخالِسُ رب البيت غفلتَه وقد يحاذِرُمني ثم لايئلُ
[ حقبا ] جمع حقبة وهي السنة والمراد بالحُقُب هنا الزمان الطويل
[ سربا ] السرب : المسلك في جوف الأرض
[ نصبا ] النصب : التعب والمشقة
[ إمرا ] أمراَ عظيما يقال : أمِر الأمر إذا عظم
[ نكرا ] منكرا فظيعاَ جدا
التفسير :
[ ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل ] أى بينا في هذا القرآن الأمثال، وكررنا الحجج والمواعظ
[ وكان الإنسان أكثر شيئا جدلا ] أى وطبيعة الإنسان الجدلُ والخصومة، لا ينيب لحق، ولا ينزجر لموعظة
[ وما منع الناس أن يؤمنوآ إذ جاءهم الهدى ] أى ما منع الناسَ من الإيمان حين جاءهم الهُدى من الله
[ ويستغفروا ربهم ] أى ومن الاستغفار من الذنوب والآلام
[ إلا أن تأتيهم سنة الأولين ] أي إلا انتظارهم ان تأتيهم سنة الأولين وهي الإهلاك
[ أو يأتيهم العذاب قبلا ] أى يأتيهم عذاب الله عيانا ومقابلة، ومعنى الآية : أنه ما منعهم من الإيمان والإستغفار، إلا طلبهم أن يعاهدوا العذاب الذي وُعدوا به، عيانا ومواجهة كقولهم :[ فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ]
[ وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ] أى ما نرسل الرسل إلا بقصد التبشير والإنذار، لا للإِهلاك والدمار، مبشرين لأهل الإيمان، ومنذرين لأهل العصيان


الصفحة التالية
Icon