[ ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق ] أى ومع وضوح الحق يجادل الكفار بالباطل، ليغلبوا به الحق ويبطلوه، فهم حين يطلبون الخوارق ويستعجلون العذاب، لا يريدون الإيمان، ثم وإنما يستهزئون ويسخرون
[ وأتخذوا آياتى وما أنذروا هزوا ] أى اتخذوا القرآن وما خُوفوا به من العذاب، سخرية واستهزاءً
[ ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ] أى لا أحد أظلمُ ممن وُعظ بآيات الله البينة، وحججه الساطعة، فتعامى عنها وتناساها، ولم يُلقِ لها بالا
[ ونسي ما قدمت يداه ] أي نسي ما عمله من الجرائم الشنيعة، والأفعال القبيحة، ولم يتفكر في عاقبتها
[ إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه ] أى جعلنا على قلوبهم أغطية، تحول دون فقه هذا القرآن وإدراك أسراره، والإنتفاع بما فيه من المواعظ والأحكام
[ وفي آذانهم وقرا ] أى وفي آذانهم صمما معنويا، يمنعهم أن يسمعوه سماع تفهم وانتفاع
[ وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا ] أى ثم إن دعوتهم إلى الإيمان والقرآن، فلن يستجيبوا لك أبدا، لأنهم لا يفقهون ولا يسمعون، فللهدى قلوب متفتحة مستعدة لقبول الإيمان، وهؤلاء كالأنعام
[ وربك الغفور ذو الرحمة ] أى وربك يا محمد واسع المغفرة، عظيم الرحمة بالعباد، مع تقصيرهم وعصيانهم
[ لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب ] أى لو يعاقبهم بما اقترفوا من المعاصي والإجرام، لعجًل لهم عذاب الدنيا، ولكنه تعالى يمهلهم ويؤخر عنهم العذاب الذي يستعجلون به رحمة بهم، وقد جرت سنته بأن يمهل الظالم، ولكن لا يهمله
[ بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا ] أى لهم موعد أخر في القيامة، يرون فيه الأهوال، لن يجدوا لهم فيه ملجأ ولا منجى
[ وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا ] أي تلك هي أخبار ا لأمم السالفة، والقرون الخالية، كقوم (هود وصالح ولوط وشعيب ) أهلكناهم حين ظلموا
[ وجعلنا لمهلكهم موعدا ] أى جعلنا لهلاكهم وقتا محددا معلوما، أفلا يعتبر هؤلاء المكذبون المعاندون ؟ والآية وعيد وتهديد لكفار قريش، قال ابن كثير : والمعنى احذروا أيها المشركون أن يصيبكم ما أصابهم، فقد كذبتم أعظم نبى، واشرف رسول، ولستم بأعزْ علينا منهم فخافوا عذابي ونُذري
[ وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين ] هذه هي القصة الثالثة في هذه السورة الكريمة، والمعنى : اذكر حين قال موسى الكليم لفتاه " يوشع بن نون " لا أزال أسير وأتابع السير حتى اصل إلى ملتقى بحر (فارس ) وبحر (الروم ) مما يلي جهة المشرق، وهو مجمع البحرين
[ أو أمضي حقبا ] أى أسير زمانا طويلا مهما امتد، إلى أن أبلغ ذلك المكان
[ فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما ] أى فلما بلغ موسى وفتاه (مجمع البحرين ) نسي " يوشع، ان يخبر موسى بأمر الحوت، وما شاهده منه من الأمر العجيب، روي أن الله تعالى أوحى إلى موسى، أن يأخذ معه حوتاً فيجعله في مكتل، فحيثما فقد الحوت فهناك الرجل الصالح
[ فاتخذ سبيله في البحر سربا ] أى اتخذ الحوت سبيله في البحر مسلكا، قال المفسرون : كان الحوت مشويا، فخرج من المِكتل ودخل قي البحر، وأمسك الله جرية الماء على الحوت، فصار كالطاق عليه وجمد الماء حوله، وكان ذلك آية من آيات الله الباهرة لموسى عليه السلام
[ فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا ] أى فلما قطعا ذلك المكان، وهو (مجمع البحرين ) الذي جُعل موعدا للملاقاة، قال موسى لفتاه : أعطنا طعام الغداء
[ لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ] أى لقينا في هذا السفر العناء والتعب، وكان قد سار ليلة وجزءا من اللهار بعد أن جاوز الصخرة


الصفحة التالية
Icon