سورة مريم
مكية وآياتها ثمان وتسعون
بين يدي السورة
* سورة مريم مكية، وغرضها تقرير التوحيد، وتنزيه الله جل وعلا عما لا يليق به، وتثبيت عقيدة الإيمان بالبعث والجزاء، ومحورُ هذه السورة يدور حول التوحيد، والإيمان بوجود الله ووحدانيته، وبيان منهج المهتدين، ومنهج الضالين.
* عرضت السورة الكريمة لقصص بعض الأنبياء مبتدئةً بقصة نبي الله " زكريا " وولده " يحيى " الذي وهبه على الكبر من امرأة عاقر ولا تلد، ولكن الله قادرعلى كل شيء، يسمع دعاء المكروب، ويتسجيب لنداء الملهوف، ولذلك استجاب الله دعاءه ورزقه الغلام النبيه.
* وعرضت السورة لقصة أعجب وأغرب، تلك هي قصة " مريم العذراء " وإنجابها لطفل من غير أب، وقد شاءت الحكمة الإلهية أن تبرز تلك المعجزة الخارقة بميلاد عيسى من أم بلا أب، لتظل آثار القدرة الربانية ماثلةً أمام الأبصار، بعظمة الواحد القهار.
* وتحدثت كذلك عن قصة " إبراهيم " مع ابيه، ثم ذكرت بالثناء والتبجيل رسل الله الكرام :" إسحاق، يعقوب، موسى، هارون، إسماعيل، إدريس، نوحاً " وقد استغرق الحديث عن هؤلاء الرسل الكرام حوالي ثلثي السورة، والهدفُ من ذلك إثبات " وحدة الرسالة " وأن الرسل جميعا جاؤوا لدعوة الناس إلى توحيد الله، ونبذ الشرك والأوثان.
* وتحدثت السورة عن بعض مشاهد القيامة، وعن أهوال ذلك اليوم الرهيب، حيث يجثو فيه الكفرة المجرمون حول جهنم ليقذفوا فيها، ويكونوا وقودا لها.
* وختمت السورة الكريمة بتنزيه الله عن الولد، والشريك، والنظير، وردًت على ضلالات المشركين بأنصع بيان، وأقوى برهان.
التسمية :
سميت (سورة مريم ) تخليدا لتلك المعجزة الباهرة، في خلق إنسان بلا أب، ثم إنطاق الله للوليد وهو طفل في المهد، وما جرى من أحداث غريبة رافقت ميلاد عيسى عليه السلام.
اللغه :
[ وهن ] ضعف يقال ؟ وَهَن يهِنُ فهو وَاهِن، والوهنُ : ضعفُ القوة
[ اشتعل ] الاشتعال انتشار شعاع النار
[ عاقراَ ] العاقر : التي لا تلد لكبر سنها
[ عتيا ] العِتى : النهاية في الكبر واليبس والجفاف، يقال : عتا الشيخ كبر وولى، قال الشاعر : إنما يُعذر الوليدُ ولا يُعذر من كان في الزمان عِتيآ
[ حنانا ] الحنان : الشفقة والرحمةُ والمحبةُ، وأصله من حنين الناقة على ولدها، وحنانيك تريد رحمتك، قال طرفة : أبَا منذرأفنيت فاستبق بعضَنا حنانَيك بعضُ الشر أهونُ من بعض
[ انتبذت ] ابتعدت وتنحًث
[ سويا ] مستوي الخلقة
[ المخاض ] اشتداد وجع الولادة والطلق
[ سريا ] السري : النهر والجدول لأن الماء يسري فيه
[ فريا ] الفري : العظيم من الأمر.
التفسير :
[ كهيعص ] حروف مقطعة للتنبيه على إعجاز القرآن وتقرأ :" كاف، ها، يَا، عَينْ، صَاد " (( الحروف الهجائية المقطعة اختلف فى معناها المفسرون اختلافا كبيرا، فقيل : إنها من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه، ولهذا يقول بعض المفسرين : الله اعلم بمراده، ومنهم من قال إنها إشارة إلى بعض أسماء الله الحسنى، فالألف إشارة إلى الاسم الجليل " الله " واللام إشارة إلى اسم الله " اللطيف " والميم إشارة إلى اسم الله " العليم " وروي عن ابن عباس أنه قال : الألف من " الله " واللام من " جبريل " والميم من " محمد " ففيها التلطف بالتنبيه على أن هذا القرآن المعجز، منزل من الله تعالى، بواسطة جبريل الامين، على محمد خاتم المرسلين. وهناك اقوال اخرى كثيرة، ولكن الصحيح الراجح منها ان هذه الحروف المقطعة، للتنبيه على " إعجاز القران " العظيم، كما ذهب اليه المحققون من أئمة أعلام جهابذة التفسير، وانظر ما كتبناه في الجزء الأول من هذا التفسير، في أول سورة البقرة ففيه من البيان ما يكفى ويشفى ))