[ وكان رسولا نبيا ] أى من الرسل الكبار، والأنبياء الأطهار، جمع الله له بين الوصفين الجليلين، وإنما أعاد لفظ " كان " لتفخيم شأن النبي المذكور
[ وناديناه من جانب الطور الأيمن ] أى نادينا موسى من جهة جبل الطور، من ناحية اليمين حين كلمناه بلا واسطة
[ وقربناه نجياً ] أى أذنيناه للمناجاة حين كلمناه، قال ابن عباس : أُدني موسى من الملكوت ورُفعت له الحُجُب، حتى سمع صريف الأقلام قال الزمخشري : شبهه بمن قربه بعض العظماء للمناجاة، حيث كلمه بغير واسطة مَلَك
[ ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا ] أى وهبنا له من نعمتنا عليه أخاه (هارون ) فجعلناه نبياَ اجابة لدعائه حين قال :[ واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي ] جعلناه له عضُدا وناصراً ومعينا
[ واذكر في الكتاب إسماعيل ] أى اذكر يا أيها الرسول قي القرآن العظيم، خبر جدك (إسماعيل ) الذبيح ابن إبراهيم، وهو أبو العرب جميعا
[ إنه كان صادق الوعد ] أى كان صادقا في وعده، لا يعد بوعد إلا وفى به، قال المفسرون : وذكر بصدق الوعد وإن كان موجودا في غيره من الأنبياء، تشريفا وإكراما، ولأنه عانى في الوفاء بالوعد ما لم يعانه غيره من الأنبياء، فمن مواعيده الصبر وتسليم نفسه للذبح، فلذلك ألقى الله عليه
[ وكان رسولا نبيا ] أى جمع الله له بين الرسالة والنبوة، قال ابن كثير : وفي الآية دليل على شرف (إسماعيل ) على أخيه (إسحق ) لأنه إنما وُصف بالنبوة فقط، وإسماعيل وصف بالنبوة والرسالة، ومن إسماعيل جاء خاتم المرسلين محمد (ص)
[ وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة ] أى كان يحث أهله على طاعة الله، وبخاصة الصلاة التي هي عماد الدين، والزكاة التي بها تتحقق سعادة المجتمع
[ وكان عند ربه مرضيا ] أى نال رضى الله، قال الرازي : وهذا نهاية المدح، لأن المرضى عند الله، هو الفائز في كل طاعاته بأعلى الدرجات
[ واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقاً نبياَ ] أى اذكر يا أيها الرسول في الكتاب الجليل، خبر إدريس إنه كان ملازما للصدق في جميع أحواله، موحى إليه من الله، قال المفسرون : إدريس هو جد نوح، وأول مرسل بعد آدم، وأول من خط بالقلم، ولبس المخيط، وكانوا من قبل يلبسون الجلود، وقد أنزل الله عليه ثلاثين صحيفة
[ ورفعناه مكانا علياً ] أى رفعنا ذكره وأعلينا قدره، بشرف النبوة والزلفى عند الله
[ أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين ] أى أولئك المذكورون هم أنبياء الله ورسله الكرام، الذين قصصنا عليك خبرهم فى هذه السورة - وهم عشرة أولهم زكريا وآخرهم إدريس - وهم الذين أنعم الله عليهم بشرف النبوة
[ من ذرية آدم ] أى هم من نسل آدم
[ وممن حملنا مع نوح ] كإبراهيم فإنه من ذرية سام بن نوح
[ ومن ذرية إبراهيم ] كإسماعيل ثم إسحق ويعقوب
[ وإسرائيل ] أى ومن ذرية إسرائيل وهو " يعقوب " كموسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى
[ وممن هدينا واجتبينا ] أى وممن هديناهم للإيمان واصطفيناهم لرسالتنا ووحينا
[ اذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا ] أى إذا سمعوا كلام الله، سجدوا وبكوا من خشية الله، مع ما لهم من علو الرتبة، وسمو النفس، والزلفى من الله تعالى، قال القرطبي : وفي الآَية دلالة على أن لآياتِ الرحمن تأثيرا في القلوب
[ فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات ] أى جاء من بعد هؤلاء الأتقياء قوم أشقياء، تركوآ الصلوات وسلكوا طريق الشهوات
[ فسوف يلقون غيا ] أى سوف يلقون كل شر وخسارة ودمار، قال ابن عباس : غى وادٍ في جهنم، وإن أودية جهنم لتستعيذ بالله من حره
[ إلا من تاب وآَمن وعمل صالحا ] أى إلا من تاب وأناب وأصلح عمله
[ فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا ] أى فأولئك يسعدون في الجنة، ولا يُنقصون من جزاء أعمالهم شيئا