[ جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب ] أى هي جنات إقامة التي وعدهم بها ربهم، فآمنوا بها بالغيب، قبل أن يروها تصديقا بوعده تعالى
[ إنه كان وعده مأتيا ] أى أن وعده تعالى بالجنة آتٍ وحاصل لا يخلف
[ لا يسمعون فيها لغواً إلا سلاما ] أى لا يسمعون في الجنة شيئا من فضول الكلام، لكن يسمعون تسليم الملائكة عليهم، على وجه التحية والإكرام، والاستثناء منقطع
[ ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا ] أى ولهم ما يشتهون في الجنة من أنواع المطاعم والمشارب، بدون كد ولا تعب، ولا تنغص ولا انقطاع
[ تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقياً ] أى هذه الجنة التى وصفنا أحوال أهلها، هي التي نورثها لعبادنا المتقين
[ وما نتنزل إلا بأمر ربك ] هذا من كلام جبريل لرسول الله (ص) حين احتبس عنه فترةَ من الزمن والمعنى : ما نتنزل إلى الدنيا إلا بأمر الله وإذنه
[ له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك ] أي لله جل وعلا جميع الأمر، أمر الدنيا والآخرة، وهو المحيط بكل شيء لا تخفى عليه خافية، ولا يعزب عنه مثقال ذرة، فلا نقدم على فعل شيء إلا بأمره وإذنه ؟
[ وما كان ربك نسيا ] أى لا ينسى شيئا من أعمال العباد
[ رب السموات والأرض وما بينهما فاعبده ] أى هو رب العوالم علويها وسفليها فاعبده وحده
[ واصطبر لعبادته ] أى اصبر على تكاليف العبادة
[ هل تعلم له سميا ] أى هل تعلم له شبيهأ ونظيرا ؟ والمراد إنكار الشريك، أى ليس له جل وعلا من يشابهه ويماثله، في الألوهية والربوبية.
البلاغة :
تضمنت الآيات الكريمة وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلي :
١ - الكناية اللطيفة [ وجعلنا لهم لسان صدق عليا ] كنى عن الذكر الحسن والثناء الجميل باللسان، لأن الثناء يكون باللسان فلذلك قال :[ لسان صدق ] كما يكنى عن العطاء باليد.
٢ - الاستعارة اللطيفة [ ورفعناه مكاناً عليا ] شبه المكانة العظيمة والمنزلة السامية بالمكان العالي بطريق الاستعارة.
٣ - المبالغة [ صديقا نبياَ ] أى مبالغا في الصدق والإلتزام به.
٤ - الإشارة بالبعيد لعلو الرتبة [ أولئك الذين أنعم ] فما فيه من معنى البعد، للإشادة بعلو رتبهم وبُعد منزلتهم قي الفضل.
٥ - الجناس الناقص [ خَلَفَ من بعدهم خَلف ] لتغير الحركات والشكل.
٦ - الطباق [ له ما بين أيدينا وما خلفنا ] وبين [ بكرة.. وعشيا ].
٧ - السجع الحسن الرصين [ عليا، حفيا، نبيا ].
فائدة :
في قول إبراهيم عليه السلام " يا أبتِ " تلطف واستدعاء، والتاء عوضْ عن ياء الإضافة لأن أصله " يا أبي، ولهذا لا يُجمع بينهما.
تنبيه :
ذكر السيوطي في التحبير أن إبراهيم عليه السلام عاش من العمر مائة وخمسا وسبعين سنة، وبينه وبين آدم ألفا سنة، وبينه وببن نوح ألف سنة، ومنه تفرعت شجرة الأنبياء.
قال الله تعالى :[ ويقول الإنسان أئذا ما مت لسوف أخرج حيا.. ] إلى قوله [ أو تسمع لهم ركزأ ] من آية (٦٦ ) إلى آية (٩٨ ) نهاية السورة الكربمة.
المناسبة :
لما ذكر تعالى طائفة من قصص الأنبياء للعظة والاعتبار، وكان الغرضُ الأساسي للسورة الكريمة، إثبات قدرة الله على الإحياء والإفناء، لإثباتُ يوم المعاد، ذكر تعالى هنا بعض شبهات المكذبين للبعث والنشور، ورد عليها بالحجج القاطعة، والبراهين الساطعة، وختم السورة الكريمة ببيان مال السعداء والأشقياء يوم البعث والحساب.
اللغة :
[ جثيا ] جمع جاثي يقال : جثا إذآ قعد على ركبتيه من شدة الهول، وهي قعدة الخائف الذليل، قال الكميت : هُمُو تركوا سراتهم جثْيآ وهم دونَ السراة مقرنينا
[ عتيا ] عصيانا وتمرداً عن الحق